للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المرتاد في الرد على المتفلسفة والقرامطة والباطنية" (١): "وهل يتوهم عاقل أنهم كانوا إنما يأخذون منه مجرد حروفه وهم لا يفقهون ما يتلوه عليهم ولا ما يقرؤونه ولا تشتاق نفوسهم إلى فهم هذا القول ولا يسألونه عن ذلك ولا يبتدئ هو بيانه لهم؟! هذا مما يُعلم بطلانه أعظم مما يُعلم بطلان كتمانهم ما تتوفر الهمم والدواعي على نقله، ومن زعم أنه لم يبيِّن لهم معاني القرآن أو أنه بيَّنها وكتموها عن التابعين فهو بمنزلة من زعم أنه بيَّن لهم النص على عليٍّ وشيئًا آخر من الشرائع والواجبات وأنهم كتموا ذلك. . . إلخ".

* طريقة تلقي التفسير في العهد النبوي:

عند التأمل في أحاديث التفسير يتبين لنا أن الصحابة كانوا يتلقون التفسير النبوي الصريح المباشر بطريقتين (٢):

[الأولى: أن يبتدئهم عليه الصلاة والسلام بالتفسير]

ومن أمثلتها:

١ - عن أبي هريرة -رضي اللَّه عنه-، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، قال: "قيل لبني إسرائيل: {وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ} [البقرة: ٥٨]. فدخلوا يزحفون على أستاههم، فبدلوا، وقالوا: حطةٌ، حبةٌ في شعرةٍ" (٣).

٢ - عن أَبِي سعيد بن المُعَلَّى -رضي اللَّه عنه-، قال: كنت أصلي في المسجد، فدعاني رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فلم أجبه، فقلت: يا رسول اللَّه، إني كنت أصلي، فقال: "ألم يقل اللَّه: {اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ} [الأنفال: ٢٤] ". ثم قال لي: "لأعلمنك سورة هي أعظم السور في القرآن، قبل أن تخرج من المسجد". ثم أخذ بيدي، فلما أراد أن يخرج، قلت له: ألم تقل لأعلمنك سورة هي أعظم سورة في القرآن، قال: " {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} هي السبع المثاني، والقرآن العظيم الذي أوتيته" (٤).


(١) ص ٣٣١.
(٢) ينظر: مقالات في علوم القرآن وأصول التفسير ص ١٣٩.
(٣) رواه البخاري (٤٤٧٩)، ومسلم (٣٠١٥).
(٤) رواه البخاري (٤٤٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>