وعلّق ابنُ عطية (٨/ ٥٦٣ - ٥٦٤) على القول الثالث، فقال: «قال مجاهد: معناه: طِينه الذي يُختم به مسك بدل الطين الذي في الدنيا، وهذا إنما يكون في الكؤوس؛ لأنّ خمر الآخرة ليست في دنان، إنما هي في أنهار». وقد رجّح ابنُ جرير (٢٤/ ٢١٩) -مستندًا إلى اللغة، ودلالة العقل- القول الثاني، وعلّل ذلك بقوله: «وإنما قلنا: ذلك أولى الأقوال في ذلك بالصحة لأنه لا وجه للختم في كلام العرب إلا الطبع والفراغ، كقولهم: ختم فلان القرآن: إذا أتى على آخره. فإذا كان لا وجه للطبع على شراب أهل الجنة يفهم إذا كان شرابهم جاريًا جري الماء في الأنهار، ولم يكن مُعتّقًا في الدنان فيُطَيّن عليها وتُختم؛ تعيّن أنّ الصحيح من ذلك الوجه الآخر، وهو العاقبة والمشروب آخرًا، وهو الذي خُتم به الشراب». وانتقد -مستندًا إلى اللغة- القول الأول، فقال: «وأما الختم بمعنى: المزج، فلا نعلمه مسموعًا من كلام العرب». وقال ابنُ عطية (٨/ ٥٦٣): «و {مَخْتُومٍ} يحتمل أن يُختم على كؤوسه التي يُشرب بها تهممًا وتنظُّفًا، والأظهر أنه مختوم شُرْبه بالرائحة المسكية حسبما فسَّره قوله تعالى: {خِتامُهُ مِسْكٌ}». وزاد ابنُ عطية قولًا آخر، فقال: «وقال أبو علي: المراد: لذاذة المقطع وذكاء الرائحة مع طيب المطعم، وكذلك هو قوله تعالى: {كانَ مِزاجُها كافُورًا} [الإنسان: ٥]، وقوله تعالى: {زَنْجَبِيلًا} [الإنسان: ١٧] أي: تجد في اللسان».