ورجَّح ابنُ جرير (١٠/ ٦١٤) القول الثاني الذي قاله ابنُ عباس من طريق علي، ومجاهد، والضحاك، وابن زيد، مستندًا إلى اللغة، فقال: «وأَوْلى القولين في ذلك بالصواب قولُ مَن قال: معناه: كأنّك حفيٌّ بالمسألة عنها فتعلمها». ثم قال: «فإن قال قائل: وكيف قيل: {حفي عنها} ولم يقل: حفي بها، إن كان ذلك تأويل الكلام؟ قيل: إنّ ذلك قيل كذلك؛ لأنّ الحفاوة إنما تكون في المسألة، وهي البشاشة للمسئول عند المسألة، والإكثار من السؤال عنه، والسؤال يوصل بـ» عن «مرة وبـ» الباء «مرة، فيقال: سألت عنه، وسألت به. فلما وضع قوله {حفي} موضع السؤال وصل بأغلب الحرفين اللذين يوصل بهما السؤال، وهو» عن"، كما قال الشاعر: سؤال حفي عن أخيه كأنه ... يذكره وسنان أو متواسن". وكذا رجَّحه ابنُ كثير (٦/ ٤٧١)، ولم يذكر مستندًا. ووجَّه ابنُ جرير القول الثاني بقوله: «فوجَّه هؤلاء تأويلَ قوله: {كأنك حفي عنها}، أي: حفيٌّ بها، وقالوا: تقول العرب: تحفيت له في المسألة، وتحفيت عنه. قالوا: ولذلك قيل: أتينا فلانًا نسأل به، بمعنى: نسأل عنه».