للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عن ذلك لفعلت، وليس ذلك لِهَوانِكما عَلَيَّ، ولكني ألبستكما نصيبَكما مِن الكرامة على ألا تنقصكما الدنيا شيئًا، وإنِّي لأذود أوليائي عن الدنيا كما يذود الراعي إبلَه عن مَبارِك العُرَّة، وإني لأجنبهم كما يجنب الراعي إبله عن مَراتِع الهَلَكة؛ أريد أن أُنَوِّر بذلك صدورَهم، وأُطَهِّر بذلك قلوبهم، في سيماهم الذي يعرفون به، وأمرهم الذي يفتخرون به، واعلم: أنّ مَن أخاف لي ولِيًّا فقد بارزني بالعداوة، وأنا الثائر لأوليائي يوم القيامة (١). (١٠/ ٢١٠)

{فَأْتِيَاهُ فَقُولَا إِنَّا رَسُولَا رَبِّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا تُعَذِّبْهُمْ}

٤٧٧٩٣ - قال مقاتل بن سليمان: {فأتياه فقولا إنا رسولا ربك} فانقطع كلام الله - عز وجل - لموسى - عليه السلام -، فلما أتيا فرعون قال موسى لفرعون: {فأرسل معنا بني إسرائيل ولا تعذبهم} يقول: ولا تستعبدهم بالعمل، يعني بقوله: {معنا} يعني: نفسه وأخاه (٢). (ز)

٤٧٧٩٤ - قال يحيى بن سلّام: قوله: {فأتياه فقولا إنا رسولا ربك فأرسل معنا بني إسرائيل ولا تعذبهم}، كان بنو إسرائيل عند القِبْط بمنزلة أهل الجِزْيَة فينا (٣). (ز)

{قَدْ جِئْنَاكَ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكَ}

٤٧٧٩٥ - قال الحسن البصري: قوله: {قد جئناك بآية من ربك}: العصا واليد (٤). (ز)

{وَالسَّلَامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى (٤٧)}

٤٧٧٩٦ - قال مقاتل بن سليمان: {قد جئناك بآية من ربك والسلام على من اتبع الهدى}، يقول: والسلامُ على مَن آمن بالله - عز وجل - (٥) [٤٢٧٠]. (ز)


[٤٢٧٠] بيّن ابنُ عطية (٦/ ٩٨) أن قوله: {والسلام على من اتبع الهدى} يحتمل وجهين، فقال: «وقوله - عليه السلام -: {مَنِ اتَّبَعَ الهُدى} يحتمل أن يكون آخر كلام وفصْله، فيقوى أن يكون السلام بمعنى التحية، كأنهما رَغِبا بها عنه، وجريًا على العرف في التسليم عند الفراغ مِن القول، فسَلَّما على متبع الهدى، وفي هذا توبيخ له. وعلى هذه الجهة استعمل الناسُ هذه الآية في مخاطبتهم ومحاوراتهم. ويحتمل أن يكون في درج القول، متصلًا بقوله: {إنّا قَدْ أُوحِيَ إلَيْنا}، فيقوى على هذا أن يكون خبرًا بأنّ السلامة للمهتدين. وهذان المعنيان قالت كلَّ واحد منهما فرقةٌ، لكن دون هذا التلخيص».
ورجّح ابنُ القيم (٢/ ١٨٠) الاحتمال الثاني، وانتقد الأول مستندًا إلى النظائر، ودلائل العقل، فقال: «قول موسى: {والسلام على من اتبع الهدى} فليس بسلام تحية؛ فإنه لم يبتدئ به فرعون، بل هو خبر محض، فإن من اتبع الهدى له السلام المطلق دون مَن خالفه، فإنه قال له: {فَأَرْسِلْ مَعَنا بَنِي إسْرائيلَ ولا تُعَذِّبْهُمْ قَدْ جِئْناكَ بِآيَةٍ مِن رَبِّكَ والسَّلامُ عَلى مَنِ اتَّبَعَ الهُدى إنّا قَدْ أُوحِيَ إلَيْنا أنَّ العَذابَ عَلى مَن كَذَّبَ وتَوَلّى} أفلا ترى أن هذا ليس بتحية في ابتداء الكلام ولا خاتمته، وإنما وقع متوسطًا بين الكلامين إخبارًا محضًا عن وقوع السلامة وحلولها على مَن اتبع الهدي، ففيه استدعاء لفرعون وترغيب له بما جُبِلَتِ النفوسُ على حُبِّه».

<<  <  ج: ص:  >  >>