وقال ابنُ عطية (٥/ ٦٤٧): «وقوله: {وراءَهُمْ} هو عندي على بابه؛ وذلك أن هذه الألفاظ إنما تجيء مراعًى بها الزمن، وذلك أن الحادث المقدم الوجود هو الأمام، وبين اليد: لما يأتي بعده في الزمن، والذي يأتي بعد: هو الوراء وهو ما خلف، وذلك بخلاف ما يظهر ببادي الرأي، وتأمل هذه الألفاظ في مواضعها حيث وردت تجدها تطرد، فهذه الآية معناها: أن هؤلاء وعملهم وسعيهم يأتي بعده في الزمن غصب هذا الملك. ومن قرأ: (أمامَهُمْ) أراد في المكان، أي: أنهم كانوا يسيرون إلى بلده». ثم انتقد (٥/ ٦٤٨) قول قتادة، فقال: «وهذا القول غير مستقيم. وهذه هي العجمة التي كان الحسن بن أبي الحسن يضج منها. قاله الزجاج». وانتقد ابنُ القيم (٢/ ١٦٤) كذلك تفسير قتادة، فقال: «وهذا المذهب ضعيفٌ، ووراء لا يكون أمامًا وراء، إلا بالنسبة إلى شيئين، فيكون أمام الشيء وراء لغيره، ووراء الشيء أمامًا لغيره، فهذا الذي يعقل فيها». ثم وجّه (٢/ ١٦٥) قراءة من قرأ: (وكانَ أمامَهُم مَّلِكٌ)، فقال: «وأما قوله: {وكان وراءهم ملك} فإن صحت قراءة (وكانَ أمامَهُم مَّلِكٌ) فلها معنًى لا يناقض القراءة العامة، وهو أن الملك كان خلف ظهورهم وكان مرجعهم عليه، فهو وراءهم في ذهابهم، وأمامهم في مرجعهم، فالقراءتان بالاعتبارين».