[٥٥٥٧] قال ابنُ عطية (٧/ ٣٤٠): "وقوله تعالى: {وظَنَّ داوُدُ} معناه: شعر للأمر وعلمه. وقالت فرقة: {ظَنَّ} هنا بمعنى: أيقن. والظنُّ أبدًا في كلام العرب إنما حقيقته: تَوَقُّفٌ بين معتقدين يغلب أحدهما على الآخر، وتوقعه العرب على العلم الذي ليس على الحواس ولا له اليقين التام، ولكن يخلط الناس في هذا ويقولون: ظن بمعنى: أيقن، ولسنا نجد في كلام العرب على العلم الذي ليس على الحواس شاهدًا يتضمن أن يقال: رأى زيد كذا وكذا فظنه. وانظر إلى قوله تبارك وتعالى في كتابه: {ورَأى المُجْرِمُونَ النّارَ فَظَنُّوا أنَّهُمْ مُواقِعُوها} [الكهف: ٥٣]، وإلى قول دريد بن الصمة: فقلت لهم ظنوا بألفي مدجج سراتهم بالفارسي المسرد وإلى هذه الآية: {وظَنَّ داوُدُ} فإنك تجد بينها وبين اليقين درجة، ولو فرضنا أهل النار قد دخلوها وباشروا لم يقل: ظن، ولا استقام ذلك، ولو أخبر جبريلُ داودَ بهذه الفتنة لم يعبر عنها بـ «ظن»، فإنما تعبر العرب بها عن العلم الذي يقارب اليقين، وليس به، ولم يخرج بعد إلى الإحساس".