وقد بيّن ابنُ عطية أن وجْه القول الثاني عند القائلين به أنّ «(كاد) إذا صحبها حرف النفي وجب الفعل الذي بعدها، وإذا لم يصحبها انتفى الفعل». ثم علّق قائلًا: «وهذا لازم متى كان حرف النفي بعد» كاد «داخلًا على الفعل الذي بعدها، تقول: كاد زيد يقوم. فالقيام منفي، فإذا قلت: كاد زيد أن لا يقوم. فالقيام واجب واقع ... فإذا كان حرف النفي مع» كاد «فالأمر محتمل؛ مرة يوجب الفعل، ومرة ينفيه، تقول: المفلوج لا يكاد يسكن. فهذا كلام صحيح تضمن نفي السكون، وتقول: رجل متكلم لا يكاد يسكن. فهذا كلام صحيح يتضمن إيجاب السكون بعد جهد ونادرًا، ومنه قوله تعالى: {فذبحوها وما كادوا يفعلون} [البقرة: ٧١] نفي مع» كاد «تضمن وجوب الذبح». ثم قال: «وقوله في هذه الآية: {لم يكد يراها} نفي مع» كاد «يتضمن في أحد التأويلين نفي الرؤية، ولهذا ونحوه قال سيبويه?: إنّ أفعال المقاربة لها نحو آخر. بمعنى: أنها دقيقة التصرف». وذكر ابنُ جرير (١٧/ ٣٣٢) القولين، وعلّق على الأول بأنه: «أظهر معاني الكلمة من جهة ما تستعمل العرب أكاد في كلامها». وعلّق على الثاني بأنه: «أوضح من جهة التفسير، وهو أخفى معانيه».