ورجَّح ابنُ جرير (١٤/ ١٥٩) مستندًا إلى السياق القول الثاني، وعلَّل ذلك بقوله: «وذلك أنه عقَّب ذلك بقوله: {? عَمّا يُشْرِكُونَ}، فدل بذلك على تقريعه المشركين به، ووعيده لهم». وانتقد القول الأول مستندًا إلى ظاهر لفظ الآية والواقع، وعلَّل ذلك بقوله: «فإنه لم يَبْلُغنا أن أحدًا من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استعجل فرائض قبل أن تُفرَض عليهم؛ فيقال لهم مِن أجل ذلك: قد جاءتكم فرائض الله فلا تستعجلوها. وأما مستعجلو العذاب من المشركين فقد كانوا كثيرًا». وكذا ابن كثير (٨/ ٢٨٩) فوصفه بأنه قولٌ عجيب. وكذا ابنُ عطية (٥/ ٣٢٥)، فقال: «ويُبعِده قوله: {فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ}؛ لأنّا لا نعرف استعجالًا إلا ثلاثة: اثنان منها للكفار في القيامة، وفي العذاب، والثالث للمؤمنين في النصر وظهور الإسلام». ثم وجَّهه بقوله: «وقوله: {أتى} -على هذا القول- إخبارٌ عن إتيان ما سيأتي، وصح ذلك على جهة التأكيد». ووجَّه (٣/ ٣٧٧ ط. دار الكتب العلمية) القول الرابع بقوله: «ومن قال: إن الأمر القيامة. قال: إن قوله: {فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ} ردٌّ على المكذبين بالبعث القائلين متى هذا الوعد». وزاد ابنُ عطية (٥/ ٣٢٥) قولين آخرين: الأول: أنه نصر محمد - صلى الله عليه وسلم -. والثاني: أنه تعذيب كفار مكة بقتل محمد عليه الصلاة والسلام لهم وظهوره عليهم. ووجَّه القول الثاني منهما بقوله: «ومن قال: إن الأمر تعذيب الكفار بنصر محمد - صلى الله عليه وسلم - وقتله لهم. قال: إن قوله: {فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ} ردٌّ على القائلين: {عَجِّلْ لَنا قِطَّنا} ونحوه من العذاب، أو على مستبطئي النصر من المؤمنين في قراءة من قرأ بالتاء -وهي قراءة الجمهور- على مخاطبة المؤمنين، أو على مخاطبة الكافرين، بمعنى: قل لهم: فلا تستعجلوه».