للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وسأذكر ذلك مفصّلًا بالأمثلة الدالة عليه مما ورد عن الصحابة ثم مما ورد عن التابعين وأتباعهم.

* النوع الأول: التفسير المنقول:

أولًا: ما يروونه عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- من تفسيراته الصريحة:

إن ما يرويه الصحابي عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- من تفسيراته الصريحة تعد من التفسير النبوي، لا من تفسير الصحابي (١)؛ لأن مهمة الصحابي في مثل هذا النقل، لذا لا يتميز عن الذين جاءوا بعده إِلا بكونه هو الراوي مباشرة، فكل مفسر من الصحابة ومن جاء بعدهم يذكر تفسير الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- ويأخذ به، ولا اختلاف بينهم في ذلك.

ومن أمثلة نقلهم التفسير النبوي:

ما رواه البخاري (ت: ٢٥٦ هـ) عن عائشة (ت: ٥٨ هـ) قالت: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ليس أحد يحاسب إِلا هلك. قالت: قلت: يا رسول اللَّه -جعلني اللَّه فداءك-: أليس يقول اللَّه -عَزَّ وَجَلَّ-: {فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ (٧) فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا} [الانشقاق: ٧ - ٨]؟

قال: ذاك العرض، يعرضون، ومن نوقش الحساب هلك" (٢).

أما إذا كان من كلام النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- غير المباشر في التفسير، فذلك مبناه اجتهاد المفسر في الربط بين معنى الآية ومعنى الحديث، والأحاديث تختلف قربًا وبعدًا من حيث وضوح ارتباطها بالآي، وقد سبق ذكر أمثلة لهذا.

لا تخلو رواية التابعي أو تابع التابعي عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- من حالين:

الأولى: أن يذكر تفسير النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بالإسناد إليه.

الثانية: أن يرفعه إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- دون إسناد، فيكون مرسل تابعي أو مقطوع تابع التابعي، حسبما هو مقرر في علم مصطلح الحديث، ولكل نوع حكمه المعروف عند


(١) تجد أن بعض من كتب في مرويات الصحابة يدخل ما رووه عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- من التفسير، بل قد يدخل ما هو أبعد من ذلك، وهو بعض الأحاديث التي رواها الصحابي عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وهي تناسب معنى بعض الآية. ينظر على سبيل المثال: تفسير أم المؤمنين عائشة، جمع: الدكتور عبد اللَّه أبو السعود بدر ص ١٦٦، رقم (٢٦/ ١٨٥)، رقم (٣٩/ ١٨٨)، رقم (٤١/ ١٨٩)، رقم (٤٣/ ٢١٨)، رقم (٦٧، ٦٨)، وغيرها كثير.
(٢) رواه البخاري في كتاب التفسير من صحيحه، باب: {فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا} من سورة الانشقاق، رقم الحديث (٤٩٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>