للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

"والصواب من القول في ذلك أن يقال: إن اللَّه عنى بذلك: ما ذبح للأصنام والآلهة، وما مات أو ذبحه من لا تحل ذبيحته. وأما من قال: عني بذلك ما ذبحه المسلم فنسي ذكر اسم اللَّه. فقول بعيد من الصواب لشذوذه، وخروجه عما عليه الحجة مجمعة من تحليله، وكفى بذلك شاهدًا على فساده" (١). وبيَّن ابن عطية (ت: ٥٤١ هـ) المراد بـ "الإخوة" في قوله تعالى: {وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ} [النساء: ١٢]، فقال: "أجمع العلماء على أن الإخوة في هذه الآية الإخوة لأم؛ لأن حكمهم منصوص في هذه الآية على صفة، وحكم سائر الإخوة مخالف له، وهو الذي في كلالة آخر السورة" (٢).

[٥ - أقوال السلف]

يطلق مصطلح "السلف" ويراد به أحد مفهومين:

الأول: الصحابة والتابعون وأتباع التابعين. أو هم: جمهور الصحابة والتابعين وأتباع التابعين. وهذه الدلالة التاريخية لهذا المصطلح، ومستندها حديث ابن مسعود -رضي اللَّه عنه- مرفوعًا: "خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم" (٣)، والقرن هم: أهل كل زمان واحد متقارب يشتركون في أمرٍ مقصودٍ (٤). ومن ثم فقرن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- هم الصحابة، والثاني: التابعون، والثالث: تابعوهم (٥).

الثاني: الصحابة والتابعون وأتباعهم؛ ممن التزم الكتاب والسُّنَّة ولم يتلبس ببدعة، ومن تبعهم بإحسان. وهذه الدلالة المنهجية لهذا المصطلح، ومستندها ما ورد في بيان الفرقة الناجية في حديث الافتراق المشهور: "مما أنا عليه وأصحابي" (٦)؛ حيث ربط النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- الفرقة الناجية بما كانوا عليه من منهج محدد واضح المعالم، لا بحقبة زمنية مجردة.


(١) جامع البيان ٩/ ٥٢٩.
(٢) المحرر الوجيز ٢/ ٤٨٧.
(٣) أخرجه البخاري في صحيحه ٣/ ١٧١ (٢٦٥٢)، ومسلم في صحيحه ٦/ ٦٨ (٢٥٣٣).
(٤) ينظر: لسان العرب ١٧/ ٢٠٩، والنهاية في غريب الحديث ٤/ ٤٥، وفتح الباري ٧/ ٨.
(٥) ينظر: شرح مسلم، للنووي ٦/ ٦٧، وتنبيه الرجل العاقل ٢/ ٥٧٧، ومجموع الفتاوى ٤/ ١٥٧.
(٦) أخرجه الترمذي في الجامع ٥/ ٢٦ (٢٦٤١)، والمروزي في السُّنَّة ص ٢٣ (٥٩)، والحاكم في المستدرك ١/ ٢١٨ (٤٤٤). وقال الترمذي (ت: ٢٩٧ هـ): "حديث مفسر غريب"، وله شواهد صحيحة يرتقي بها إلى القبول؛ ذكر بعضها الحاكم (ت: ٤٠٥ هـ) وقال: "هذه أسانيد تقام بها الحجة في تصحيح هذا الحديث". وقد جاء في تفسير هذه اللفظة ومعناها نصوص شرعية كثيرة تنظر في: الاعتصام ص ٤٧٠، ٤٧٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>