للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[النسخ في الآية]

٨٦٨٤ - عن عُقْبَة بن أبي الصَّهْباء، قال: سألتُ بكر بن عبد الله عن رجلٍ تريد امرأتُه منه الخُلْعَ. قال: لا يَحِلُّ له أن يأخذ منها شيئًا. قلتُ: يقول الله -تعالى ذكره- في كتابه: {فلا جناح عليهما فيما افتدت به}؟ قال: هذه نُسِخَتْ. قلت: فأنّى حُفِظَتْ؟ قال: حُفِظَتْ في سورة النساء [٢٠]، قول الله -تعالى ذِكْرُه-: {وإنْ أرَدْتُمُ اسْتِبْدالَ زَوْجٍ مَكانَ زَوْجٍ وآتَيْتُمْ إحْداهُنَّ قِنْطارًا فَلا تَأْخُذُوا مِنهُ شَيْئًا أتَأْخُذُونَهُ بُهْتانًا وإثْمًا مُبِينًا} (١) [٨٦٩]. (ز)

[من أحكام الآية]

٨٦٨٥ - عن أبي سعيد، قال: أرادَتْ أختي أن تَخْتَلِع من زوجها، فأتَتِ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -


[٨٦٩] انتَقَدَ ابنُ جرير (٤/ ١٦٢ - ١٦٣ بتصرف) قولَ بكر بن عبد الله الذي يُفِيدُ نسخَ الآية مستندًا لمخالفته الإجماعَ، وظاهرَ الآية، فقال: «فأمّا ما قاله بكر بن عبد الله فقولٌ لا معنى له؛ لمعنيين: أحدهما: إجماعُ الجميع من الصحابة والتابعين ومَن بعدهم من المسلمين على تخطئته، وإجازةِ أخْذِ الفِدْيَةِ من المُفْتَدِيَةِ نفسَها لزوجها. وفي ذلك الكفاية عن الاستشهاد على خطئه بغيره. والآخر: أنّ الآية التي في سورة النساء إنّما حَرَّم الله فيها على زوجِ المرأة أن يأخذ منها شيئًا مِمّا آتاها، بأن أراد الرجلُ استبدال زوج بزوج من غير أن يكون هنالك خَوْفٌ من المسلمين عليهما بمقام أحدهما على صاحبه أن لا يُقِيما حدود الله، ولا نشوز من المرأة على الرجل. وأمّا الآية التي في سورة البقرة فإنّها إنّما دَلَّت على إباحة الله -تعالى ذِكْرُهُ- له أخذَ الفِدْيَةِ منها في حال الخوف عليهما أن لا يُقِيما حدودَ الله بنُشُوزِ المرأة، وطلبِها فراقَ الرجل، ورغبته فيها. فالأمر الذي أُذِن به للزوج في أخذ الفدية من المرأة في سورة البقرة ضِدُّ الأمرِ الذي نُهِي من أجله عن أخذ الفِدْية في سورة النساء، كما الحظر في سورة النساء غير الطلاق والإباحة في سورة البقرة. فإنما يجوز في الحكمين أن يُقال: أحدهما ناسخ؛ إذا اتَّفقت معاني المحكوم فيه، ثُمَّ خُولِف بين الأحكام فيه باختلاف الأوقات والأزمنة. وأمّا اختلاف الأحكام باختلاف معاني المحكوم فيه في حال واحدة ووقت واحد فذلك هو الحكمة البالغة، والمفهوم في العقل والفطرة، وهو من الناسخ والمنسوخ بمعزِل».
وبنحوه قال ابنُ عطية (١/ ٥٦٥)، وابنُ كثير (٢/ ٣٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>