[٦٦٣٦] ذكر ابنُ عطية (٨/ ٣١٧ - ٣١٨) في معنى الآية قولين: الأول: أنّ «قوله: {هو الذي خلقكم} تعديد نعمه». ثم علّق عليه بقوله: «والمعنى فمنكم كافر لنعمته في الإيجاد حين لم يوجد كافر لجهْله بالله تعالى، ومنكم مؤمن بالله، والإيمان به شُكرٌ لنعمته، فالإشارة في هذا التأويل في الإيمان والكفر هي إلى اكتساب العبد، هذا قول جماعة من المتأولين، وحجتهم قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «كلّ مولود يولد على الفطرة». وقوله تعالى: {فطرت الله التي فطر الناس عليها} [الروم: ٣٠]، وكأنّ العبارة في قوله تعالى: {فمنكم} تعطي هذا، وكذلك يقوّيه قوله: {والله بما تعملون بصير}». والثاني: «وقيل: المعنى: خلقكم فمنكم مؤمن ومنكم كافر في أصل الخلق». ثم علّق بقوله: «فهي جملة في موضع الحال، فالإشارة على هذا في الإيمان والكفر هي إلى اختراع الله تعالى وخلْقه، وهذا تأويل ابن مسعود وأبي ذر، ويجري مع هذا المعنى قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إنّ أحدكم يكون في بطن أمه نُطفة أربعين يومًا، ثم علقة أربعين يومًا، ثم مُضغة أربعين يومًا، ثم يجيء المَلك، فيقول: يا ربّ، أذكر أم أنثى؟ أشقيّ أم سعيد؟ فما الرزق فما الأجل؟ فيكتب ذلك في بطن أمه». فقوله في الحديث: «أشقيّ أم سعيد؟» هو في هذه الآية: {فمنكم كافر ومنكم مؤمن}، ويجري مع هذا المعنى قوله في الغلام الذي قتله الخضر: «إنه طُبع يوم طُبع كافرًا». وما روى ابن مسعود أنه - عليه السلام - قال: «خلَق الله فرعون في البطن كافرًا، وخلَق يحيى بن زكرياء مؤمنًا»».