وقد ذكر ابنُ جرير (٢٢/ ٥٤٠) القولين، ورجّح العموم فيهما، فقال: «وأولى الأقوال بالصواب أن يُقال: إنّ الله - عز وجل - مَثَّل هؤلاء الكفار من أهل الكتاب مِمّا هو مُذيقهم مِن نكاله بالذين من قبلهم مِن مُكذّبي رسوله - صلى الله عليه وسلم -، الذين أهلكهم بسَخطه، وأمر بني قَيْنقاع ووقعة بدر كانا قبل جلاء بني النَّضِير، وكلّ أولئك قد ذاقوا وبال أمرهم، ولم يخصّص الله - عز وجل - منهم بعضًا في تمثيل هؤلاء بهم دون بعض، وكلٌّ ذائق وبال أمره، فمَن قربت مدّته منهم قبلهم، فهم مُمثّلون بهم فيما عنوا به من المثل». وذكر ابنُ عطية (٨/ ٢٧١ - ٢٧٢) القولين، وزاد قولًا ثالثًا، فقال: «وقال بعض المتأولين: الضمير في قوله: {قبلهم} للمنافقين، والذين من قبلهم: هم منافقو الأمم المتقدمة، وذلك أنهم غُلبوا ونالتهم الذِّلة على وجه الدهر، فهم مَثَلٌ لهؤلاء». وعلّق بقوله: «ولكن قوله: {قريبا} إمّا أن يكون في زمن موسى، وإلا فالتأويل المذكور يضعف، إلا أن تجعل {قريبا} ظرفًا للذوق، فيكون التقدير: ذاقوا وبال أمرهم قريبًا من عصيانهم وبحدثانه، ولا يكون المعنى: أنّ المثل قريب في الزمن من الممثل له». ثم علّق على جميع الأقوال بقوله: «وعلى كل تأويل فـ {قريبًا} ظرف أو نعت لظرف».