[٥٦٥٥] في معنى الشهداء ثلاثة أقوال: الأول: أنهم الذين يشهدون للأنبياء بالبلاغ. الثاني: أنهم الذين استُشهدوا في سبيل الله. الثالث: أنهم الحفظة. وقد رجّح ابنُ جرير (٢٠/ ٢٦٢ - ٢٦٣) -مستندًا إلى النظائر- القول الأول، فقال: «والشهداء: جمع شهيد، وهذا نظير قول الله: {وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا} [البقرة: ١٤٣]». وانتقد الثاني الذي قاله قتادة، والسدي -مستندًا إلى السياق، وأقوال السلف- فقال: «وقيل: عني بقوله: {الشهداء}: الذين قُتلوا في سبيل الله؛ وليس لما قالوا من ذلك في هذا الموضع كبير معنى؛ لأن عقيب قوله: {وجيء بالنبيين والشهداء}: {وقضي بينهم بالحق}، وفي ذلك دليل واضح على صحة ما قلنا مِن أنّه إنما دعى بالنبيين والشهداء للقضاء بين الأنبياء وأممها، وأنّ الشهداء إنما هي جمع شهيد، الذين يشهدون للأنبياء على أممهم كما ذكرنا، وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل». وبنحوه ابنُ عطية (٧/ ٤١٣ بتصرف) مستندًا إلى ظاهر الآية، فقال: «وهذا أيضًا يزول عنه معنى التوعد، وهو مقصد الآية». وزاد ابنُ عطية قولًا رابعًا في معنى الآية، فقال: «ويُحتمل أن يريد بقوله: {والشُّهَداءِ}: الأنبياء أنفسهم، فيكون من عطف الصفة على الصفة بالواو، كما تقول: جاء زيد الكريمُ والعاقل».