وقد رجّح ابنُ جرير (١٤/ ٦٤٦ - ٦٤٧) مستندًا لإجماع الحجة من أهل التأويل القول الأول، فقال: «وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قولُ مَن قال: عنى به: رؤيا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما رأى من الآيات والعبر في طريقه إلى بيت المقدس، وبيت المقدس ليلة أسري به، وقد ذكرنا بعض ذلك في أول هذه السورة. وإنما قلنا ذلك أولى بالصواب لإجماع الحجة من أهل التأويل على أنّ هذه الآية إنما نزلت في ذلك، وإياه عنى الله - عز وجل - بها». وبنحوه ابنُ كثير (٩/ ٣٦ - ٣٧). ووجّه ابنُ عطية (٥/ ٥٠٣) قوله: {وإذ قلنا لك إن ربك أحاط بالناس} على القول الأول، فقال: «فعلى هذا يحسن أن يكون معنى قوله: {وإذ قلنا لك إن ربك أحاط بالناس} أي: في إضلالهم وهدايتهم، وأن كل واحد ميسر لما خلق له، أي: فلا تهتم أنت بكفر من كفر، ولا تحزن عليهم، فقد قيل لك: إن الله محيط بهم، مالك لأمرهم، وهو جعل رؤياك هذه فتنة ليكفر من سبق عليه الكفر. وسميت الرؤية في هذا التأويل: رؤيا، إذ هما مصدران من رأى». ووجّه القول الثالث، فقال: «ويجيء قوله: {أحاط بالناس} أي: بأقداره، وأن كل ما قدره نافذ، فلا تهتم بما يكون بعدك من ذلك، وقد قال الحسن بن علي، في خطبته في شأن بيعته لمعاوية: {وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين} [الأنبياء: ١١١]». ثم انتقده بقوله: «وفي هذا التأويل نظر، ولا يدخل في هذه الرؤيا عثمان بن عفان، ولا عمر بن عبد العزيز، ولا معاوية».