للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٦٨٥١٢ - قال مقاتل بن سليمان: {وقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا رَبَّنا أرِنا الَّذَيْنِ أضَلّانا مِنَ الجِنِّ والإنْسِ} لأنهما أول مَن أقاما على المعصية، من الجنّ إبليس، ومن الإنس ابن آدم قاتل هابيل رأس الخطيئة (١) [٥٧٥٣]. (ز)

{نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا لِيَكُونَا مِنَ الْأَسْفَلِينَ (٢٩)}

٦٨٥١٣ - قال عبد الله بن عباس: {لِيَكُونا مِنَ الأَسْفَلِينَ} ليكونا أشد عذابًا مِنّا (٢). (ز)

٦٨٥١٤ - قال مقاتل بن سليمان: {نَجْعَلْهُما تَحْتَ أقْدامِنا} يعني: مِن أسفل مِنّا في النار {لِيَكُونا مِنَ الأَسْفَلِينَ} في النار (٣). (ز)

{إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا}

٦٨٥١٥ - عن أنس بن مالك، قال: قرأ علينا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - هذه الآية: {إنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا}، قال: «قد قالها ناسٌ مِن الناس، ثم كفر أكثرُهم، فمَن قالها حتى يموت فهو مِمَّن استقام عليها» (٤) [٥٧٥٤]. (١٣/ ١٠٣)


[٥٧٥٣] ذكر ابنُ عطية (٧/ ٤٨٠) أن ظاهر اللفظ يقتضي أن «الذي» في قولهم: {الّلَذِين} إنما هو للجنس، أي: أرِنا كلَّ مُغوٍ من الجن والإنس. ونسبه لجماعة من المفسرين.
ثم انتقد القول بأن يكون ولد آدم وإبليس الأبالسة هما المرادان بهذه الآية مستندًا إلى الدلالة العقلية، فقال: «وتأمَّل هل يصحُّ هذا عن علي بن أبي طالب?؟، لأن ولد آدم مؤمن عاصٍ، وهؤلاء إنما طلبوا المضلّين بالكفر المؤدي إلى الخلود. وإنما القوي أنهم طلبوا النوعين».
ثم نقل توجيهًا لهذا القول، فقال: «وقد أصلح بعضُهم هذا القول بأن قال: يطلب ولد آدم كلّ عاصٍ دخل النار من أهل الكبائر، ويطلب إبليس كل كافر».
وانتقده مستندًا لظاهر لفظ الآية، فقال: «ولفظ الآية يزحم هذا التأويل؛ لأنه يقتضي أن الكفرة إنما طلبوا اللذين أضلا».
[٥٧٥٤] ساق ابنُ عطية (٧/ ٤٨١ - ٤٨٢) هذا الأثر، ثم قال: «المعنى: فهو في أول درجات الاستقامة، أمن الخلود، فهذا كقوله - صلى الله عليه وسلم -: «من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة». وهذا هو المعتقد -إن شاء الله-، وذلك أنّ العُصاة مِن أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - وغيرها فرقتان: فأمّا من قضى الله بالمغفرة له وترك تعذيبه، فلا محالة أنه ممن تنزل عليه الملائكة بالبشارة، وهو إنما استقام على توحيده فقط، وأما مَن قضى الله بتعذيبه مدة، ثم بإدخاله الجنة، فلا محالة أنه يلقى جميع ذلك عند موته ويعلمه، وليس يصح أن تكون حاله كحالة الكافر اليائس من رحمة الله، وإذا كان هذا فقد حصلت له البشارة بأن لا يخاف الخلود ولا يحزن منه، وبأنه يصير آخرًا إلى الخلود في الجنة، وهل العصاة المؤمنون إلا تحت الوعد بالجنة؟ فهم داخلون فيمن يقال لهم: {أبْشِرُوا بِالجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ}، ومع هذا كله، فلا يختلف أنّ الموحِّد المستقيم على الطاعة أتم حالًا، وأكمل بشارة، وهو مقصد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب?، وعلى نحو ذلك قال سفيان: اسْتَقامُوا، عملوا بنحو ما قالوا. وقال الربيع: أعرضوا عمّا سوى الله. وقال الفضيل: زهدوا في الفانية، ورغبوا في الباقية. وبالجملة فكلما كان المرء أشد استعدادًا كان أسرع فوزًا بفضل الله تعالى».

<<  <  ج: ص:  >  >>