[٤٥٨٩] اختلف القرّاء في قراءة قوله تعالى: {وفَرَضْناها}؛ فقرأها بعضهم بتشديد الراء، على معنى: وفصَّلناها ونزَّلنا فيها فرائضَ مختلفةً. وذكر ابنُ جرير (١٧/ ١٣٧) أنّ لهذه القراءة معنًى آخر تحتمله، وهو: «وفَرَّضْناها عليكم، وعلى مَن بعدَكم مِن الناس إلى قيام الساعة». وقرأها بعضهم بتخفيف الراء، على معنى: أوجَبْنا ما فيها من الأحكام عليكم، وألزمناكموه، وبيَّنا ذلك لكم. وبيَّنَ ابنُ جرير (١٧/ ١٣٨) أنّ كلتا القراءتين صواب؛ لشهرتهما، وقراءة القراء بهما، فقال: «الصواب مِن القول في ذلك أنهما قراءتان مشهورتان، قد قرأ بكل واحدة منهما علماءٌ مِن القرأة، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب، وذلك أن الله قد فصّلها، وأنزل فيها ضُروبًا من الأحكام، وأمر فيها ونهى، وفرض على عباده فيها فرائض، ففيها المعنيان كلاهما: التفريض، والفرض، فلذلك قلنا: بأية القراءتين قرأ القارئ فمصيب الصواب».