ووجَّه ابنُ عطية (٢/ ٤٨٤) تقديمَ الوصيّة في الآية بالذِّكرِ استنادًا إلى العقل، واللغة، فقال: «هذه الآية إنما قُصِد بها تقديمُ هذين الفعلين على الميراث، ولم يُقْصَد بها ترتيبهما في أنفسهما، ولذلك تقدَّمت الوصِيَّةُ في اللفظ، والدَّين مُقَدَّم على الوصية بإجماع، والذي أقول في هذا: إنّه قَدَّم الوصيةَ إذ هي أقلُّ لزومًا مِن الدَّين؛ اهتمامًا بها، وندبًا إليها، كما قال تعالى: {لا يغادر صغيرة ولا كبيرة} [الكهف: ٤٩]، وأيضًا قَدَّمها مِن جهة أنّها مُضَمَّنُها الوَصِيَّةُ التي هي كاللازم يكون لكل ميت؛ إذ قد حضَّ الشرعُ عليها، وأَخَّرَ الدَّين لشذوذه، وأنه قد يكون ولا يكون، فبدأ بذكر الذي لا بُدَّ منه، ثم عطف بالذي قد يقع أحيانًا، ويُقَوِّي هذا كونُ العطف بـ {أو}، ولو كان الدَّيْنُ راتِبًا لكان العطف بالواو. وقُدِّمَتِ الوصية أيضًا إذ هي حَظُّ مساكينٍ وضِعاف، وأُخِّر الدَّينُ إذ هو حظ غريمٍ يطلبه بقوة، وهو صاحب حَقٍّ له فيه، كما قال - عليه السلام -: «إنّ لصاحبِ الحقِّ مقالًا»».