وانتقد ابنُ كثير (٨/ ٢٢) مستندًا إلى مخالفة أقوال السلف ما ذهب إليه السديُّ في تأويل هذه القراءة، فقال: «وقرأ بعض القراء: {يا بشرى}، فزعم السديُّ أنّه اسم رجل ناداه ذلك الرجل الذي أدلى دلوه، معلمًا له أنّه أصاب غلامًا. وهذا القول من السدي غريب؛ لأنه لم يسبق إلى تفسير هذه القراءة بهذا إلا في رواية عن ابن عباس». ثم وجه القراءة بقوله: «وإنما معنى القراءة على هذا النحو يرجع إلى القراءة الأخرى، ويكون قد أضاف البشرى إلى نفسه، وحذف ياء الإضافة وهو يريدها، كما تقول العرب: يا نفس اصبري، ويا غلام أقبل. بحذف حرف الإضافة، ويجوز الكسر حينئذ والرفع، وهذا منه، وتفسرها القراءة الأخرى: «يا بُشْرايَ»». وذكر ابنُ جرير قراءة من قرأ ذلك: «يا بُشْرايَ» بإثبات ياء الإضافة، ووجّهها، فقال: "قرأ ذلك عامَّة القراء من أهل المدينة: «يا بُشْرايَ» بإثبات ياء الإضافة، غير أنّه أدغم الألف في الياء طلبًا للكسرة التي تلزم ما قبل ياء الإضافة من المتكلم في قولهم: غلامي وجاريتي في كل حال، وذلك مِن لغة طيء، كما قال أبو ذؤيب: سَبَقُوا هَوِيَّ وأعنقوا لهواهم ... فتَخَرَّموا ولكل جَنبٍ مَصْرَعُ". وبنحوه قال ابنُ عطية، وذكر أنّها «لغة فاشية». وذكر ابنُ عطية (٥/ ٥٨) أنّ ابن كثير ونافعًا وأبا عمرو وابن عامر قرءوا ذلك: «يا بُشْرايَ» بإضافة البشرى إلى المتكلم، وبفتح الياء على ندائها «. ثم وجهها بقوله:» كأنه يقول: احضري فهذا وقتك. وهذا نحو قوله: {يا حسرة على العباد} [يس: ٣٠] ". ثم رجّح ابنُ جرير مستندًا إلى آثار السلف، واللغة القراءة الأولى، فقال: «وأعجب القراءة في ذلك إلَيَّ قراءةُ مَن قرأه بإرسال الياء وتسكينها؛ لأنه إن كان اسم رجل بعينه كان معروفًا فيهم. كما قال السدي، فذلك هي القراءة الصحيحة لا شكَّ فيها، وإن كان من التبشير فإنه يحتمل ذلك إذا قرئ كذلك على ما بينت». ثم انتقد مستندًا إلى إجماع الحجة من القراء القراءة الثانية، فقال: «أمّا التشديد والإضافة في الياء فقراءة شاذة لا أرى القراءة بها، وإن كانت لغة معروفة؛ لإجماع الحجة من القراء على خلافها».