ونقل ابنُ عطية عن المهدوي وغيره قوله: «إنّ الظن هنا يصح أن يكون على بابه، ويضمر في الكلام بذنوبهم، فكأنهم يتوقعون لقاءه مذنبين». ثم انتقده مستندًا إلى كلام العرب قائلًا: "وهذا تعسُّفٌ، والظنُّ في كلام العرب قاعدته الشكُّ مع ميل إلى أحد معتقديه، وقد يوقع الظن موقع اليقين في الأمور المتحققة، لكنه لا يوقع فيما قد خرج إلى الحس، لا تقول العرب في رجل مرئي حاضر: أظن هذا إنسانًا، وإنما تجد الاستعمال فيما لم يخرج إلى الحس بعد كهذه الآية، وكقوله تعالى: {فَظَنُّوا أنَّهُمْ مُواقِعُوها} [الكهف: ٥٣]، وكقول دريد بن الصمة: فقلت لهم: ظُنُّوا بألفي مدجَّج سراتُهُمُ بالفارسي المُسَرَّد". [٢١٤] ذكر ابنُ جرير (١/ ٦٢٨) في معنى: {وأنهم إليه راجعون} قولًا آخر غير قول أبي العالية لم يُسنده، فقال: «وقال آخرون: معنى ذلك أنهم إليه يرجعون بموتهم». ثم رجَّح قول أبي العالية استنادًا إلى السياق، فقال: «وأولى التأويلين بالآية: القولُ الذي قاله أبو العالية؛ لأن الله -تعالى ذِكْرُه- قال في الآية التي قبلها: {كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ثم إليه ترجعون (٢٨)}، فأخبر -جل ثناؤه- أنّ مرجعهم إليه بعد نشرهم وإحيائهم من مماتهم، وذلك لا شك يوم القيامة، فكذلك تأويل قوله: {وأنهم إليه راجعون}». وبنحوه قال ابنُ عطية (١/ ٢٠٣).