للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٦٦٧ - قال عبد الملك ابن جُرَيْج -من طريق حَجّاج-: {الذين يظنون أنهم ملاقوا ربهم} علموا أنهم مُلاقُو ربهم. قال: هي كقوله: {إني ظننت أني ملاق حسابيه} [الحاقة: ٢٠]، يقول: علمت (١). (ز)

١٦٦٨ - عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم -من طريق ابن وهْب- في قوله: {الذين يظنون أنهم ملاقوا ربهم}، قال: لأنّهم لم يُعايِنُوا، فكان ظنُّهم يقينًا، وليس ظنًا في شكٍّ. وقرأ: {إني ظننت أني ملاق حسابيه} [الحاقة: ٢٠] (٢) [٢١٣]. (ز)

{وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (٤٦)}

١٦٦٩ - عن أبي العالية -من طريق الرَّبِيع بن أنس- في قوله: {وأنهم إليه راجعون}، قال: يستيقنون أنهم يرجعون إليه يوم القيامة (٣) [٢١٤]. (١/ ٣٦٢)


[٢١٣] رجَّح ابنُ جرير (١/ ٦٢٣ - ٦٢٥)، وابنُ عطية (١/ ٢٠١ - ٢٠٢)، وابنُ كثير (١/ ٣٩١ - ٣٩٣) استنادًا إلى النظائر، ولغة العرب، وأقوال السلف ما أفادته الآثار هنا بكون الظن في هذه الآية بمعنى اليقين. وذكر ابنُ عطية أن هذا هو قول الجمهور. ومن ذلك قوله تعالى: {ورَأى المُجْرِمُونَ النّارَ فَظَنُّوا أنَّهُمْ مُواقِعُوها} [الكهف: ٥٣]، وقوله تعالى: {إنِّي ظَنَنْتُ أنِّي مُلاقٍ حِسابِيَهْ} [الحاقة: ٢٠]، وبما ورد في الحديث: أن الله تعالى يقول للعبد يوم القيامة: «ألم أزوِّجْك، ألم أكرِمْك، ألم أُسخِّر لك الخيل والإبل، وأَذَرك ترأس وتربع؟ فيقول: بلى. فيقول الله تعالى: أفظننت أنك ملاقيَّ؟ فيقول: لا. فيقول الله: اليوم أنساك كما نسيتني».
ونقل ابنُ عطية عن المهدوي وغيره قوله: «إنّ الظن هنا يصح أن يكون على بابه، ويضمر في الكلام بذنوبهم، فكأنهم يتوقعون لقاءه مذنبين». ثم انتقده مستندًا إلى كلام العرب قائلًا: "وهذا تعسُّفٌ، والظنُّ في كلام العرب قاعدته الشكُّ مع ميل إلى أحد معتقديه، وقد يوقع الظن موقع اليقين في الأمور المتحققة، لكنه لا يوقع فيما قد خرج إلى الحس، لا تقول العرب في رجل مرئي حاضر: أظن هذا إنسانًا، وإنما تجد الاستعمال فيما لم يخرج إلى الحس بعد كهذه الآية، وكقوله تعالى: {فَظَنُّوا أنَّهُمْ مُواقِعُوها} [الكهف: ٥٣]، وكقول دريد بن الصمة:
فقلت لهم: ظُنُّوا بألفي مدجَّج سراتُهُمُ بالفارسي المُسَرَّد".
[٢١٤] ذكر ابنُ جرير (١/ ٦٢٨) في معنى: {وأنهم إليه راجعون} قولًا آخر غير قول أبي العالية لم يُسنده، فقال: «وقال آخرون: معنى ذلك أنهم إليه يرجعون بموتهم».
ثم رجَّح قول أبي العالية استنادًا إلى السياق، فقال: «وأولى التأويلين بالآية: القولُ الذي قاله أبو العالية؛ لأن الله -تعالى ذِكْرُه- قال في الآية التي قبلها: {كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ثم إليه ترجعون (٢٨)}، فأخبر -جل ثناؤه- أنّ مرجعهم إليه بعد نشرهم وإحيائهم من مماتهم، وذلك لا شك يوم القيامة، فكذلك تأويل قوله: {وأنهم إليه راجعون}».
وبنحوه قال ابنُ عطية (١/ ٢٠٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>