وعلّق عليه ابنُ القيم (٢/ ١١٢) بقوله: «وهذا قول صحيح، فالمثل كثيرًا ما يرد بمعنى: الصفة. قاله جماعة من المتقدمين». ثم رجّح ابنُ عطية مستندًا إلى دلالة العقل أن قوله: «{مَثَلُ} على حاله، وذلك أنهم إذا قالوا: إنّ البنات لله. فقد جعلوا له مثلًا، فالبنات من البشر، وكثرة البنات عندهم مكروه ذميم، فهو مثل السوء الذي أخبر الله تعالى أنه لهم ليس في البنات فقط، لكن لما جعلوه هم في البنات جعله هو لهم على الإطلاق في كل سوء، ولا غاية بعد عذاب النار، وقوله: {ولِلَّهِ المَثَلُ الأَعْلى} على الإطلاق أيضًا في الكمال المستغني». وذكر ابنُ القيم (٢/ ١١٢ - ١١٣) عدة أقوال في معنى الآية، ثم علّق بقوله: «قلت: المثل الأعلى يتضمن الصفة العليا، وعلم العالمين بها، ووجودها العلمي، والخبر عنها، وذكرها، وعبادة الرب سبحانه بواسطة العلم والمعرفة القائمة بقلوب عابديه وذاكريه، فهاهنا أربعة أمور، الأول: ثبوت الصفات العليا لله سبحانه في نفس الأمر، علمها العباد أو جهلوها، وهذا معنى قول مَن فسره بالصفة. الثاني: وجودها في العلم والتصور، وهذا معنى قول مَن قال من السلف والخلف: إنه ما في قلوب عابديه وذاكريه من معرفته وذكره ومحبته وإجلاله وتعظيمه. وهذا الذي في قلوبهم من المثل الأعلى لا يشترك فيه غيره معه، بل يختص به في قلوبهم، كما اختص في ذاته، وهذا معنى قول مَن قال من المفسرين: أهل السماء يعظمونه ويحبونه ويعبدونه، وأهل الأرض يعظمونه ويجلونه. الثالث: ذكر صفاته والخبر عنها وتنزيهها عن النقائص والعيوب والتمثيل. الرابع: محبة الموصوف بها وتوحيده والإخلاص له والتوكل عليه والإنابة إليه، وكلما كان الإيمان بالصفات أكمل كان هذا الحب والإخلاص أقوى. فعبارات السلف تدور حول هذه المعاني الأربعة لا تتجاوزها».