الأولى والمصادر الرئيسة لكتب التفسير المأثور الشاملة، كما سنرى في المرحلة التالية.
* المرحلة الثالثة: مرحلة التدوين الشامل للتفسير:
وذلك في عصر أتباع التابعين (١٣٢ - ٢٠٠ هـ) وما بعده من القرن الثالث الهجري، حيث تطور تدوين العلوم، من مجرد الجمع والتدوين إلى مرحلة التصنيف والترتيب والجمع والتبويب، قال الذهبي:"في سنة ثلاث وأربعين [أي: ومائة] شرع علماء الإسلام في هذا العصر في تدوين الحديث والفقه والتفسير، فصنَّف ابن جريج بمكة، ومالك الموطأ بالمدينة، والأوزاعي بالشام، وابن أبي عروبة وحماد بن سلمة وغيرهما بالبصرة، ومعمر باليمن، وسفيان الثوري بالكوفة، وصنَّف ابن إسحاق المغازي، وصنَّف أبو حنيفة -رحمه اللَّه- الفقه والرأي، ثم بعد يسير صنَّف هشيم والليث وابن لهيعة، ثم ابن المبارك وأبو يوسف وابن وهب، وكثر تدوين العلم وتبويبه، ودُوِّنت كتب العربية واللغة والتاريخ وأيام الناس، وقبل هذا العصر كان الأئمة يتكلمون من حفظهم، أو يروون العلم من صحف صحيحة غير مرتبة"(١).
ومن هذه العلوم التي تطور فيها التدوين علم التفسير، حيث وجدنا أن تدوين التفسير المأثور في هذه المرحلة خطا خطوة واسعة من خلال التدوين الشامل للتفسير، وذلك بظهور كتب تفسير مسندة، ضمت في ثناياها آثارًا تفسيرية عن عدد من مفسري السلف، وليست مختصة بمفسر واحد كما في المرحلة السابقة حيث النسخ التفسيرية، كما تميزت الكتب بطابع خاص من الترتيب والتصنيف، إذ جمعت تحت كل آية آثار من فسرها من السلف، وذلك بقدر ما يرويه صاحب الكتاب كثرة وقلة، ولا شك أنه كلما تأخر الزمن كان الكتاب أدق تصنيفًا وأكثر رواية بإدخال مصادر جديد لم تكن لدى السابقين، لذا يمكننا أن نجعل هذه المرحلة على قسمين:
[أ - التدوين الجزئي (في عصر أتباع التابعين: ١٣٢ - ٢٠٠ هـ)]
لا شك أن بداية أي عمل يكتنفه شيء من النقص والقصور ثم يتكامل تدريجيًّا، من هنا نجد أن بداية هذه المرحلة في عصر أتباع التابعين (١٣٢ - ٢٠٠ هـ) كان فيها شيء من ذلك، حيث جُمعت عدد من نسخ التفسير في كتاب تفسير واحد، ولكن بصورة جزئية، ومن ملامح تلك الصورة: