ورَجَّحَ ابنُ جرير (٦/ ٦٠٠) القولَ الأولَ، وهو قول مجاهد، وأبي عمرو، وسعيد بن عبد العزيز، ومالك بن أنس، وأبي بكر بن عبد الله بن أبي مريم استنادًا إلى ظاهر الآية، فقال: «أوْلى القولين في ذلك بالصواب قولُ مَن قال: هو دلالة على تحريم نكاح إماء أهل الكتاب؛ فإنّهُنَّ لا يحللن إلا بملك اليمين؛ وذلك أنّ الله -جل ثناؤه- أحلَّ نكاح الإماء بشروط، فما لم تجتمع الشروط التي سماهن فيهنَّ فغيرُ جائز لمسلم نكاحهن». وانتَقَدَ (٦/ ٦٠١ بتصرف) القولَ الثاني بأنّ آية النساء مُخَصِّصَة لآية المائدة، فقال: «إن قال قائل: فإنّ الآية التي في المائدة تدل على إباحتهن بالنكاح. قيل: إنّ التي في المائدة قد أبان أنّ حكمها في خاصٍّ مِن محصناتهم وأنها معنيٌّ بها حرائرهم دون إمائهم قولُه: {من فتياتكم المؤمنات}، فغيرُ جائزٍ أن يحكم لإحداهما بأنها دافعةٌ حكمَ الأخرى، إلا بحُجَّةٍ يجب التسليمُ لها من خبر أو قياس، ولا خبر بذلك ولا قياس، والآية محتملة ما قلنا: والمحصنات من حرائر الذين أوتوا الكتاب من قبلكم دون إمائهم». [١٦١٩] قال ابنُ جرير (٦/ ٦٠١) في بيان معنى الآية: «هذا من المُؤَخَّر الذي معناه التقديم. وتأويل ذلك: ومَن لم يستطع منكم طولًا أن ينكح المحصنات المؤمنات فمما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات، فلينكح بعضُكم من بعض، بمعنى: فلينكح هذا فتاة هذا». واسْتَدْرَكَ ابن عطية (٢/ ٥٢٢) على كلام ابن جرير قائلًا: «هذا قولٌ ضعيفٌ»، ولم يذكر مستندًا.