للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ومما يدل على سعة علمه وتفوقه على أقرانه ما رواه حبيب بن أبي ثابت، قال: "اجتمع عندي خمسة لا يجتمع مثلهم أبدًا: عطاء، وطاووس، ومجاهد، وسعيد بن جبير، وعكرمة، فأقبل مجاهد وسعيد يلقيان على عكرمة التفسير، فلم يسألاه عن آية إِلا فسرها لهما، فلما نفد ما عندهما، جعل يقول: أنزلت آية كذا في كذا، وآية كذا في كذا".

وهكذا كان عكرمة إذا تُرجم له وُصف بالمفسر وصاحب التفسير، ونحو ذلك، قال الذهبي: "العلَّامة، الحافظ، المُفَسِّر"، وقال الحافظ ابن حجر: "ثقة ثبت، عالم بالتفسير، لم يثبت تكذيبه عن ابن عمر، ولا يثبت عنه بدعة" (١). فهو بحق من أشهر مفسري التابعين وأعلمهم، ويمكننا إجمال أسباب سبقه وتقدمه فيما يلي (٢):

١ - طول ملازمته لابن عباس، كما تقدم.

٢ - قدرته على الاستنباط والاجتهاد في التفسير.

٣ - تفرغه لعلم التفسير رواية ودراية، حتى كان يُعرف به إذا ذكر، كما تقدم.

٤ - معرفته بلغات العرب وأشعارها، وإعمال ذلك في التفسير، وقد ورث ذلك المنهج من شيخه ابن عباس.

٥ - كثرة رحلاته، وبالتالي تعدد مصادره، فقد رحل إلى العراق وخراسان، واليمن والشام ومصر والمغرب، واستقر في آخر حياته بالمدينة حتى توفي بها.

٦ - حرصه على نشر علمه بين تلاميذه حتى كان يطلب أن يُسأل، كذلك كان يعقد مجالس العلم والتفسير في البلاد التي زارها، ومشهورة قصة زيارته للبصرة وأن الحسن البصري أمسك عن التفسير والفتيا ما دام عكرمة بالبصرة (٣).

* عدد آثاره في الموسوعة:

من خلال كل ما سبق يُتوقع أن لا يضاهي أحدٌ عكرمة في كثرة المنقول من تفسيره، لكن الواقع عكس ذلك! فقد بلغ عدد آثاره في الموسوعة (١٣٨٢) أثرًا، وهذا أقل بكثير من أقرانه المكثرين -خصوصًا مجاهد الذي كان مع عكرمة أكثر


(١) تقريب التهذيب، ص ٣٩٧.
(٢) ينظر ذلك بتوسع: تفسير التابعين ١/ ١٦٩ - ١٧٩.
(٣) سير أعلام النبلاء ٥/ ١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>