[١٩٥٤] ذَهَبَ ابنُ جرير (٨/ ٦٧ - ٦٨) إلى أنّ الاستثناء في الآية متصل، فقوله تعالى: {إلّا ما ذَكَّيْتُمْ} اسْتِثْناءٌ من قوله: {وما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ والمُنْخَنِقَةُ والمَوْقُوذَةُ والمُتَرَدِّيَةُ والنَّطِيحَةُ وما أكَلَ السَّبُعُ}، مُسْتَنِدًا إلى دلالة العقل واللغة، وعَلَّلَ ذلك بأنّ: «كلّ ذلك مُسْتَحِقٌّ الصِّفَةَ التي هو بها قبل حال موته، فيُقال لِما قَرَّبَ المشركون لآلهتهم فسمَّوْه لهم: هو {ما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ}، بمعنى: سُمِّيَ قُرْبانًا لغير الله. وكذلك المُنْخَنِقَة: إذا انْخَنَقَتْ، وإن لم تَمُتْ فهي مُنْخَنِقَة، وكذلك سائرُ ما حَرَّمَه الله -جَلَّ وعَزَّ- مِمّا بَعْدَ قولِه: {وما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ} إلّا بِالتَّذْكِيَة، فإنّه يُوصَف بالصفة التي هو بها قبل موته، فحرَّمه الله على عباده إلّا بالتَّذْكِيَة المُحَلِّلَة دون الموت بالسَّبَب الذي كان به مَوْصُوفًا. فَإذْ كان ذلك كذلك فتأويل الآية: وحَرَّم عليكم ما أُهِلَّ لغير الله به، والمُنْخَنِقَة، وكذا وكذا وكذا، إلّا ما ذَكَّيْتُم من ذلك».