ورجَّحَ ابن جرير القولَ بعدم وجوب غسلهما؛ مستندًا إلى اللغة، والدلالة العقلية، فقال: «الصواب من القول في ذلك عندنا: أنّ غسل اليدين إلى المرفقين من الفرض الذي إن تركه أو شيئًا منه تاركٌ لم تُجْزِه الصلاة مع تَرْكِه غَسْلَه. فأما المرفقان وما وراءهما فإنّ غسل ذلك من الندب الذي ندبَ إليه - صلى الله عليه وسلم - أُمَّته بقوله: «أمتي الغرُّ المحجلون من آثار الوضوء، فمن استطاع منكم أن يُطيل غُرَّته فليفعل». فلا تَفْسُد صلاةُ تاركِ غسلِهما وغسلِ ما وراءهما، لِما قد بينا قبلُ فيما مضى: من أن كل غاية حُدَّت بـ» إلى «فقد تحتمل في كلام العرب دخول الغاية في الحدّ، وخروجها منه. وإذا احتمل الكلام ذلك لم يجُز لأحد القضاءَ بأنها داخلة فيه، إلا لِمَن لا يجوز خلافُه فيما بيَّن وحَكم، ولا حُكم بأن المرافق داخلة فيما يجب غسله عندنا، ممن يجب التسليم بحكمه». وذَهَبَ ابن عطية (٣/ ١١٦) إلى دخولهما في القدر الذي يجب غسله، فقال: «وتحرير العبارة في هذا المعنى أن يُقال: إذا كان ما بعد» إلى «ليس مما قبلها، فالحد أول المذكور بعدها، وإذا كان ما بعدها من جملة ما قبلها فالاحتياط يعطي أنّ الحدَّ المذكورُ بعدها، ولذلك يترجح دخولُ المرفقين في الغسل».