للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وذلك أنّ إسرافيل - عليه السلام - يَنفخ فيها، فيقول: أيّتها العظام البالية، وأيّتها العروق المُتقطّعة، وأيّتها اللحوم المُتمزّقة، وأيّتها الأشعار الساقطة، اجتمعنَّ لِنَنفخَ فيكم أرواحَكم، ونجازيكم بأعمالكم. ويُديم المَلَك الصوت، فتجتمع الأرواح كلّها في القَرْن، والقَرْن طوله طول السموات والأرض، فتَخرج أرواحهم مثل النّحل؛ سُود وبِيض، شقي وسعيد، أرواح المؤمنين بِيض كأمثال النّحل مِن السماء إلى وادٍ بدمشق يقال له: الجابية، وتَخرج أرواح الكفار مِن الأرض السُّفلى سُود إلى وادٍ بحضرموت يُقال له: بَرَهُوت، وكلّ روح أعرَف بجسد صاحبه مِن أحدكم إلى منزله {فَتَأْتُونَ أفْواجًا}، ثم ينزل إسرافيل من فوق السماء السابعة، فيَجلس على صخرة بيت المقدس، فيَأخذ أرواح الكفار والمؤمنين ويَجعلهم في القَرْن، ودائرة القَرْن مسيرة خمسمائة عام، ثم يَنفخ في القَرْن، فتَطير الأرواح حتى تطبق ما بين السماء والأرض، فتَذهب كلّ روح، فتقع في جسد صاحبها، فيَخرج الناس من قبورهم فوجًا فوجًا، فذلك قوله: {فَتَأْتُونَ أفْواجًا} يعني: زمرًا زمرًا، وفِرقًا فِرقًا، وأممًا أممًا (١) [٦٩٨٤]. (ز)

{وَفُتِحَتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ أَبْوَابًا (١٩)}

٨٠٩٠٠ - قال مقاتل بن سليمان: {وفُتِحَتِ السَّماءُ} يعني: وفُرجت السماء، يعني: وفُتِقت السماء فتَقطّعتْ، {فَكانَتْ أبْوابًا} يعني: خللًا خللًا، فشبّهها الله بالغيم إذا انكشف بعد المطر، ثم تَهيج به الريح الشمال الباردة، فينقطع، فيصير كالأبواب (٢) [٦٩٨٥]. (ز)


[٦٩٨٤] أفادت آثار السلف أنّ الصُّور: هو القَرْن الذي يُنفخ فيه لِبَعْث الناس. وقد ذكر ذلك ابنُ عطية (٨/ ٥١٦)، ثم ذكر احتمالًا آخر، فقال: «ويحتمل هذا الموضع أن يكون» الصُّور «فيه جمع صورة، أي: يوم يرد الله فيه الأرواح إلى الأبدان، هذا قول بعضهم في الصُّورِ، وجوزه أبو حاتم». ثم رجّح -مستندًا إلى أقوال السلف، والنظائر- الأول، فقال: «والأول أشهر، وبه تظاهرت الآثار، وهو ظاهر كتاب الله تعالى في قوله: {ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرى} [الزمر: ٦٨]».
[٦٩٨٥] ذكر ابنُ عطية (٨/ ٥١٦) في قوله: {فكانت أبوابا} قولين، فقال: «وقوله تعالى: {فكانت أبوابا} قيل: معناه: تتفطّر وتتشقّق حتى يكون فيها فتوح كالأبواب في الجدران. وقال آخرون -فيما حكى مكي بن أبي طالب-: الأبواب هنا فِلَق الخشب التي تُجعل أبوابًا لفتوح الجدران، أي: تتقطّع السماء قِطعًا صغارًا حتى تكون كألواح الأبواب. ورجّح القول الأول بقوله:» والقول الأول أحسن". ولم يذكر مستندًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>