للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مريم وعيسى حين ابتدأها مِن كرامة الله بِما آتاها: {إذ قالت الملائكة يا مريم إن الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى ابن مريم} (١). (ز)

{إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ}

١٢٩٠٩ - عن عبد الله بن عبّاس -من طريق عكرمة- في قوله: {يبشرك بكلمة منه}، قال: عيسى هو الكلمة مِن الله (٢) [١١٩٦]. (٣/ ٥٤٧)

١٢٩١٠ - عن قتادة بن دِعامة -من طريق مَعْمَر- قوله: {بكلمة منه}، قال: قوله: كُن (٣) [١١٩٧]. (ز)

١٢٩١١ - عن محمد بن إسحاق -من طريق عبد الله بن إدريس-: {إذ قالت الملائكة يا مريم إن الله يبشرك بكلمة منه}، أي: بولدٍ لا أبَ له (٤) [١١٩٨]. (ز)


[١١٩٦] ذكر ابنُ جرير (٥/ ٤٠٧) أنّ هناك مَن ذهبوا إلى أنّ الكلمة هي اسمٌ سمّاه الله لعيسى، كما سَمّى سائرَ خلقه بما شاء من الأسماء، وأدخل قولَ ابن عباس في هذا القول.
وانتَقَدَ ابنُ عطية (٢/ ٢٢١) صنيعَ ابن جرير، فقال: «وقولُ ابن عباس يَحْتَمِل أن يُفَسَّر بما قال قتادة [من أنّ المراد بالكلمة قوله: {كن}] وبغير ذلك مما سنذكره الآن، وليس فيه شيءٌ مما ادَّعى الطبريُّ?. وقال قومٌ من أهل العلم: سماه الله (كلمة) من حيث كان تقدَّم ذكره في توراة موسى وغيرها مِن كتب الله، وأنّه سيكون، فهذه كلمةٌ سَبَقَتْ فيه من الله، فمعنى الآية: أنتِ -يا مريمُ- مُبَشَّرَة بأنّك المخصوصةُ بولادة الإنسان الذي قد تكلَّم الله بأمره، وأخبر به في ماضي كتبه المنزلة على أنبيائه. و {اسْمُهُ} في هذا الموضع معناه: تسميته، وجاء الضمير مُذَكَّرًا من أجل المعنى؛ إذ (الكلمة) عبارة عن ولد».
[١١٩٧] قال ابنُ جرير مُعَلِّقًا (٥/ ٤٠٧): «فسمّاهُ الله - عز وجل - كلمتَه [يعني: على هذا القول]؛ لأنّه كان عن كلمته، كما يُقال لِما قدَّر اللهُ مِن شيء: هذا قدرُ الله وقضاؤه. يعني به: هذا عن قدر الله وقضائه حدَثَ، وكما قال -جلَّ ثناؤه-: {وكان أمر الله مفعولًا} [النساء: ٤٧]، يعني به: ما أمر اللهُ به، وهو المأمور الذي كان عن أمر الله - عز وجل -».
وبنحوه قال ابنُ عطية (٢/ ٢٢١).
[١١٩٨] ذكر ابنُ جرير (٥/ ٤٠٧) في تفسير الكلمة ثلاثة أقوال، أحدها: أنّ المراد بها: رسالةٌ من الله، وخَبَرٌ مِن عنده. ولم ينسبه لأحد. وثانيها: أنّ الكلمة التي قالها الله هي: كن. وثالثها: أنّ الكلمة هي اسم لعيسى سمّاه الله به كما سمّى سائرَ الخلائق بما شاء من الأسماء.
ورَجَّح ابنُ جرير القولَ الأول مُسْتنِدًا إلى اللغة، فقال: «ولذلك قال - عز وجل -: {اسمه المسيح}. فذكَّر، ولم يقل: اسمها. فيؤنث، والكلمة مؤنثة؛ لأنّ الكلمة غير مقصود بها قصد الاسم الذي هو بمعنى فلان، وإنما هي بمعنى: البشارة، فذُكّرت كنايتُها كما تُذَكّر كناية الذُّرِّيَّة، والدابَّة، والألقاب».

<<  <  ج: ص:  >  >>