للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

زيد فقد عُدَّ من الطبقة الوسطى من التابعين، مع أنه وفاته تأخرت إلى عام ١٣٦ هـ (١).

وقد كان زيد بن أسلم من علماء المدينة وثقاتهم وعبادهم، قال مالك بن أنس: "كان زيد بن أسلم من العباد والعلماء الزهاد، الذين يخشون اللَّه تعالى" (٢). وكان له حلقة للعلم بمسجد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، يجلس إليه الفقهاء (٣)، حتى إن علي بن الحسين كان يجلس إليه، فكُلِّمَ في ذلك فقال: "إنما يجلس الرجل إلى مَن ينفعه في دينه" (٤). وقد كان رحمه اللَّه ثقة في الرواية روى عن ابن عمر، وجابر، وسلمة بن الأكوع، وأنس بن مالك، وغيرهم -رضي اللَّه عنهم-.

ومن أشهر تلاميذه بنوه: أسامة، وعبد الرحمن، وعبد اللَّه، والإمام مالك بن أنس، وابن جريج، والسفيانان، وغيرهم.

* مكانته في التفسير:

كان زيد بن أسلم من أعلم أهل المدينة بالتفسير، قال ابن عبد البر: "زيد أحد ثقات أهل المدينة، وكان من العلماء العباد الفضلاء، وزعموا أنه كان أعلم أهل المدينة بتأويل القرآن بعد محمد بن كعب" (٥)، بل حاد عن نهج تابعي المدينة في تورعهم عن تفسير القرآن، فكان يجتهد فيه برأيه ولا يتحرج من ذلك، ومن ثَمَّ انتُقد على ذلك المسلك، فعن حماد بن زيد قال: قدمت المدينة، وزيد بن أسلم حي، فسألت عبيد اللَّه بن عمر فقلت: إن الناس يتكلمون فيه، فقال: "ما أعلم به بأسًا، إلا إنه يفسر القرآن برأيه" (٦). وما سلكه زيد في التفسير ليس ببِدْعٍ من المنهج، إذ هو منهج ابن عباس -رضي اللَّه عنهما- وتلاميذه، وغيرهم. وقد سلك مسلك زيد وروى تفسيره وتخرج عليه في علم التفسير ابنه عبد الرحمن بن زيد، الذي يُعد من أشهر مفسري أتباع التابعين، بل هو أكثر السلف من أهل المدينة تفسيرًا.


(١) لم أقف على من أورد تاريخ مولد زيد بن أسلم تحديدًا أو تقريبًا، لكن الظاهر أنه ولد في خمسينات القرن الأول على أعلى تقدير، يستشف ذلك من كونه روى سماعًا عن ابن عمر (ت: ٧٣ هـ).
(٢) إكمال تهذيب الكمال ٥/ ١٣١.
(٣) تهذيب الكمال ١٠/ ١٥.
(٤) سير أعلام النبلاء ٥/ ٣١٦، وهذا يدل على مكانة زيد بن أسلم وعلو شأنه منذ وقت مبكر، حيث كانت وفاة علي بن الحسين عام ٩٤ هـ.
(٥) إكمال تهذيب الكمال ٥/ ١٣١.
(٦) الجرح والتعديل لابن أبي حاتم ٣/ ٥٥٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>