للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بحوافرهنّ في الحجارة نارًا كنار أبي حباحب، وكان شيخًا مِن مضر في الجاهلية، له نويرة تقدح مرّة وتخمد مرّة لكيلا يمُرّ به ضيف، فشبّه الله - عز وجل - ضوء وقع حوافرهنّ في أرض حصباء بنويرة أبي حباحب، وأيضًا {فالمُورِياتِ قَدْحًا} قال: كانت تصيب حوافرهنّ الحجارة، فتقدح منهنّ النار (١). (ز)

٨٤٥١١ - عن ابن جُرَيْج، عن بعضهم: {فالمُورِياتِ قَدْحًا} فالمنجّحات عملًا، كنجاح الزند إذا أورى (٢) [٧٢٦٦]. (ز)

{فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا (٣)}

٨٤٥١٢ - عن عبد الله بن مسعود -من طريق إبراهيم- {فالمُغِيراتِ صُبْحًا}: حين يُفيضون من جمْع (٣). (١٥/ ٦٠٤)


[٧٢٦٦] اختُلف في قوله: {فالموريات قدحا} على أقوال: الأول: هي الخيل تُوري النار بحوافرها. الثاني: الخيل هِجْنَ الحرب بين أصحابهنّ وركبانهن. الثالث: عني بذلك: الذين يُورون النار بعد انصرافهم من الحرب. الرابع: معنى ذلك: مكر الرجال. الخامس: هي الألسنة. السادس: هي الإبل حين تسير تنسف بمناسمها الحصى.
وعلّق ابنُ عطية (٨/ ٦٧٣) على القول الثاني بقوله: «فهذا أيضًا على الاستعارة البيّنة». وعلّق على القول الخامس بقوله: «فهذا على الاستعارة، أي: ببيانها تقدح الحجج وتُظهرها».
وقد رجّح ابنُ جرير (٢٤/ ٥٧٨) العموم، فقال: «وأولى الأقوال في ذلك بالصواب: أن يُقال: إنّ الله -تعالى ذِكْره- أقسم بالموريات التي تُوري النيران قدحًا؛ فالخيل تُوري بحوافرها، والناس يُورونها بالزند، واللسان مثلًا يُوري بالمنطق، والرجال يُورون بالمكر مثلًا، وكذلك الخيل تهيج الحرب بين أهلها إذا التقتْ في الحرب. ولم يضع الله دلالة على أنّ المراد من ذلك بعض دون بعض، فكل ما أورت النار قدحًا فداخلة فيما أقسم به؛ لعموم ذلك بالظاهر».
وذكر ابنُ عطية قولًا آخر نسبه لابن عباس وجماعة، وقال: «وقال ابن عباس أيضًا وجماعة من العلماء: الكلام عامٌّ يدخل في القَسم كلّ مَن يظهر بقدحه نارًا، وذلك شائع في الأُمَم طول الدهر، وهو نفع عظيم مِن الله تعالى، وقد وقف عليه في قوله تعالى: {أفرأيتم النار التي تورون} [الواقعة: ٧١]، معناه: تُظهرون بالقدح».
وذكر ابنُ القيم (٣/ ٣٥٠) القول الثاني والرابع والخامس، وانتقدها مستندًا إلى السياق، فقال: «وقال قتادة: الموريات: هي الخيل تُوري نار العداوة بين المقتتلين. وهذا ليس بشيء، وهو بعيد من معنى الآية وسياقها، وأضعف منه قول عكرمة: هي الألسنة توري نار العداوة بعظيم ما نتكلّم به. وأضعف منه ما ذُكر [عن] مجاهد: هي أفكار الرجال تُوري نار المكر والخديعة في الحرب». ثم علّق قائلًا: «وهذه الأقوال إنْ أريد أنّ اللفظ دلّ عليها وأنها هي المراد فغلط، وإنْ أريد أنها أُخِذتْ من طريق الإشارة والقياس فأمرها قريب». ثم ذكر قول ابن جُرَيْج أنه فسّر: {قدحا} بـ: المنجحات أمرًا. وضعفه كذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>