واختلف القرأة في قراءة قوله تعالى: {إلا امْرَأَتَكَ} على قراءتين: الأولى: {إلا امرأتَكَ} بالنصب. الثانية: «إلّا امْرَأتُكَ» بالرفع. وبيَّن ابنُ جرير (١٢/ ٥١٤ - ٥١٥) أنّ المعنى على القراءة الأولى: «فأَسْرِ بأهلك إلا امرأتَك، وعلى أنّ لوطًا أُمِر أن يسري بأهله سوى زوجته، فإنه نُهِيَ أن يَسْرِيَ بها، وأُمِرَ بتخليفها مع قومها». وبيَّن المعنى على القراءة الثانية بقوله: «ولا يلتفت منكم أحدٌ إلا امرأتُك، وإن لوطًا قد أخرجها معه، وأنه نُهِيَ لوطٌ ومَن معه ممن أسرى معه، أن يَلْتَفِتَ سوى زوجته، وإنها التفتت، فهَلَكَت لذلك». ووجَّه ابنُ القيم (٢/ ٦٠) القراءة الثانية بقوله: «الاستثناء منقطع في قراءة الرفع، ويكون «امْرَأتُكَ» مبتدأ، وخبره ما بعده. وهذا التوجيه أولى من أن يُجعَل الاستثناء في قراءة من نصب من قوله: {فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ}، وفي قراءة من رفع مِن قوله: {ولا يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أحَدٌ}، ويكون الاستثناء على هذا مِن {فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ} رفعًا ونصبًا، وإنما قلنا إنّه أولى لأنّ المعنى عليه، فإنّ الله تعالى أمره أن يسري بأهله إلا امرأته، ولو كان الاستثناء مِن الالتفات لكان قد نهى المسري بهم عن الالتفات وأذن فيه لامرأته، وهذا ممتنع لوجهين: أحدهما: أنه لم يأمره أن يسرى بامرأته، ولا دخلت في أهله الذين وعد بنجاتهم. والثاني: أنه لم يكلفهم بعدم الالتفات، ويأذن فيه للمرأة».