للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يوصف بالحافظ (١).

أما التفسير فلم يشتغل الزهري به كثيرًا؛ ولم يُعرف بتصديه له مثل ما عُرف به كبار مفسري التابعين كمجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير وقتادة، لذا لم يكن بالمكثر في التفسير الاجتهادي، لكن في جانب الرواية له آثار كثيرة خصوصًا في أسباب النزول وحوادث السيرة والمغازي، وهذه العلوم من جملة علم الحديث الذي كان إمامًا فيه، وعَلَمًا من أعلامه، كما تقدم.

وقد بلغت آثاره في الموسوعة (٢٥٩) أثرًا من التفسير الاجتهادي، هذا سوى العشرات من آثار أسباب النزول، والمكي والمدني، والناسخ والمنسوخ، الجدير بالذكر أن له في العِلمَين الأخيرين جزأين لطيفين طُبعا في رسالة صغيرة (٢).

ولعل من أسباب عدم بروزه في علم التفسير ما يلي:

١ - تخصصه في علم الحديث وحفظه وتتبعه، ثم في الفقه والأحكام، ومن ثَمّ تجد أن أغلب ما روي من تفسيره الاجتهادي له تعلق بهذين العِلمين.

٢ - طبيعة منهج شيوخه من أهل المدينة الذين كانوا يتورعون عن الخوض في علم التفسير، كما تقدم. ولا شك أن لذلك أثره على تلميذهم، خصوصًا أن أغلب شيوخه من المدينة، وأكثر علمه عنهم.

٦ - زيد بن أسلم (ت: ١٣٦ هـ) (٣)

زيد بن أسلم، القرشي العدوي مولى عمر بن الخطاب -رضي اللَّه عنه-، أبو أسامة، أو أبو عبد اللَّه المدني الفقيه المفسر، أبوه أسلم من كبار التابعين، قيل كان من سبي عين التمر. وقيل: حبشي. وقيل: من سبي اليمن. اشتراه عمر بن الخطاب -رضي اللَّه عنه- بمكة لما حج بالناس سنة ١١ هـ في خلافة الصديق. وقد لازم أسلمُ عمرَ وحفظ عنه، وروى عنه الأحاديث الكثيرة، وروى عن أبي بكر وعثمان -رضي اللَّه عنهم-، حتى وصفه الإمام الذهبي بأنه الفقيه الإمام، وهو من رواة الكتب الستة، توفي عام ٨٠ هـ (٤)، أما ابنه


(١) ينظر: سير أعلام النبلاء ٥/ ٣٢٦.
(٢) صدرت بعنوان "الناسخ والمنسوخ وتنزيل القرآن بمكة والمدينة" بتحقيق: د. حاتم الضامن، عن مؤسسة الرسالة، بيروت. وهي من مصادر الموسوعة.
(٣) ينظر في ترجمته: تهذيب الكمال ١٠/ ١٢، سير أعلام النبلاء ٥/ ٣١٦، تاريخ الإسلام ٣/ ٦٥٦، إكمال تهذيب الكمال ٥/ ١٣١.
(٤) تاريخ الإسلام ٢/ ٧٩١.

<<  <  ج: ص:  >  >>