[٢٠٢٣] أفادت الآثارُ اختلافَ المفسرين في الذين عُنُوا بالخطاب بقوله تعالى: {وآتاكُمْ ما لَمْ يُؤْتِ أحَدًا مِنَ العالَمِينَ} على قولين: الأول: أمة محمد - صلى الله عليه وسلم -. وهو قول أبي مالك، وسعيد بن جبير. الثاني: قوم موسى - عليه السلام -. وهو قول ابن عباس، ومجاهد. ورجَّح ابنُ جرير (٨/ ٢٨٣) مستندًا إلى السياق القول الثاني، وعلَّل ذلك بأن الخطاب «جاء في سياق قوله: {اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ}، ومعطوفًا عليه، ولا دلالة في الكلام تدل على أن قوله: {وآتاكُمْ ما لَمْ يُؤْتِ أحَدًا مِنَ العالَمِينَ} مصروفٌ عن خطاب الذين ابتُدِئَ بخطابهم في أول الآية. فإذ كان ذلك كذلك فأن يكون خطابًا لهم أوْلى مِن أن يُقال: هو مصروفٌ عنهم إلى غيرهم». ثم أورد إشكالًا على ترجيحه، مفاده: أنّ قوله تعالى: {وآتاكُمْ ما لَمْ يُؤْتِ أحَدًا مِنَ العالَمِينَ} لا يجوز أن يكون خطابًا لبني إسرائيل، إذ كانت أمة محمدٍ قد أوتيت من كرامة الله بنبيها محمد - صلى الله عليه وسلم - ما لم يؤت أحد غيرهم، وهم من العالمين. وأجاب عنه: بأن قوله: {وآتاكُمْ ما لَمْ يُؤْتِ أحَدًا مِنَ العالَمِينَ} خطابٌ من موسى - عليه السلام - لقومه يومئذٍ، وأنه عنى بذلك عالَمي زمانه لا عالَمي كل زمان.