للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[النمل: ٤٨ - ٤٩] حتى بلغ الآية (١) [٣٦٢٩]. (ز)

{الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ (٩١)}

٤٠٦٥٤ - عن عبد الله بن عباس، قال: سأل رجلٌ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: أرأيتَ


[٣٦٢٩] اختلف في المعنيِّ بـ {المقتسمين} في هذه الآية على أقوال: الأول: أنهم أهل الكتاب من اليهود والنصارى، اقتسموا القرآن فجعلوه أعضاء، فآمنوا ببعض منها وكفروا ببعض. الثاني: أنهم أهل الكتاب، اقتسموا القرآن استهزاءً به، فقال بعضهم: هذه السورة لي، وهذه السورة لك. الثالث: أنهم أهل الكتاب، اقتسموا كتبهم، فآمن بعضهم ببعضها، وآمن آخرون منهم بما كفر به غيرهم وكفروا بما آمن به غيرهم. الرابع: أنهم رهط من كفار قريش بأعيانهم. الخامس: أنهم رهط من قوم صالح، الذين تقاسموا على تبييت صالح وأهله. ووجَّه ابنُ عطية (٥/ ٣١٨) هذا بقوله: «فالمقتسمون -على هذا- مِن القَسَم». السادس: أنهم قوم من كفار قريش اقتسموا طرق مكة ليتلقوا الواردين إليها من القبائل، فينفروهم عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأنّه ساحر أو شاعر أو كاهن أو مجنون، حتى لا يؤمنوا به.
ورجَّح ابنُ جرير (١٤/ ١٣٣) مستندًا إلى دلالة عموم ظاهر الآية شمول الآية لجميع الأقوال، فقال: «والصواب من القول في ذلك عندي أن يُقال: إنّ الله -تعالى ذِكْره- أمر نبيَّه - صلى الله عليه وسلم - أن يُعلِم قومَه الذين عَضُّوا القرآن ففَرَّقوه، أنه نذيرٌ لهم من سخط الله تعالى وعقوبته أن يَحُلَّ بهم على كفرهم ربَّهم وتكذيبِهم نبيَّهم ما حلَّ بالمقتسمين من قبلهم ومنهم». ثم بيَّن أنّه جائزٌ أن يكون عُنِي بـ {المقتسمين} أحد هذه الأقوال، ثم قال (١٤/ ١٣٤): «فإذ لم يكن في التنزيل دلالةٌ على أنه عُنِيَ به أحد الفرق الثلاثة دون الآخرين، ولا في خبرٍ عن الرسول - صلى الله عليه وسلم -، ولا في فطرة عقلٍ، وكان ظاهر الآية مُحْتَمِلًا ما وصفْتُ؛ وجَبَ أن يكون مَقْضِيًّا بأنّ كلَّ من اقتسم كتابًا لله، بتكذيبِ بعضٍ وتصديق بعض، واقتسم على معصيةٍ الله، مِمَّن حلَّ به عاجلُ نقمةِ الله في الدار الدنيا قبل نزول هذه الآية؛ فداخلٌ في ذلك؛ لأنهم لأشكالهم من أهل الكفر بالله كانوا عِبْرةً، وللمتَّعظين بهم منهم عِظَةً».
وانتقد ابنُ عطية (٥/ ٣١٨) القول الخامس مستندًا إلى السياق، قائلًا: «ويقلق هذا التأويل مع قوله تعالى: {الَّذِينَ جَعَلُوا القُرْآنَ عِضِينَ}».

<<  <  ج: ص:  >  >>