للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

* مكانته في التفسير وآثاره:

ما بلغه الشعبي من العلم والحفظ والرواية والفقه والمعرفة بالمغازي واللغة والشعر يؤهله لأن يكون مفسرًا عَلَمًا، بل هو كذلك فقد قال: "واللَّه ما من آية إلا قد سأَلتُ عنها" (١)؛ إلا أن ما رُوي عنه من آثار في تفسير القرآن كان قليلًا، بلغت في الموسوعة (٤١٠) آثار فقط، ولعل من أبرز أسباب قلة نتاجه التفسيري ما يلي (٢):

١ - تورعه عن كثرة الفتيا والتحديث عامة وعن التفسير خاصة، فقد كان يكره السؤال، وكثيرًا ما يُسأل فيقول: لا أدري، بل كان ينكر على من يكثر من التحديث. هذا في العلم عامة، وهو كذلك في التفسير، فقد كان يتهيَّب القول فيه مع علمه به، قال رحمه اللَّه: "واللَّه ما من آية إلا قد سأَلتُ عنها، ولكنها الرواية عن اللَّه" (٣). وجاء عنه قوله: "ثلاث لا أقول فيهن حتى أموت: القرآن، والروح، والرأي" (٤). بل كان ينكر على من يكثر من تفسير القرآن، ويصفه بأنه ليس أهلًا لذلك؛ ومن ذلك إنكاره على أبي صالح باذام، والسدي (٥).

٢ - انشغاله برواية الحديث والسنن، ثم الفقه والأحكام: فقد كان حافظ زمانه وأعلمهم بالسنن، شهد له بذلك معاصروه ومن بعدهم، فعن عاصم بن سليمان قال: "ما رأيت أحدًا أعلم بحديث أهل الكوفة والبصرة والحجاز والآفاق من الشعبي" (٦)، كذلك كانت له عناية عظيمة بالأحكام الفقهية لكن من خلال الآثار والسنن، لذا تجد كثيرًا من آثاره في التفسير متعلقة بآيات الأحكام.

٣ - ما تعرض له من الفتن: حيث هرب من المختار الثقفي -أيام استيلائه على الكوفة عام ٦٥ هـ- إلى المدينة: "وهناك روى عن ابن عمر -رضي اللَّه عنهما-، وتعلم الفرائض عن الحارث الأعور" (٧)، ثم شارك في فتنة ابن الأشعث حين خرج على الحجاج الثقفي عام ٨١ هـ، ولما قضى الحجاج عليها هرب الشعبي إلى خراسان مجاهدًا في جيش قتيبة بن مسلم، وهناك قُبض عليه وسُيِّر إلى الحجاج، لكن شاء اللَّه أن ينجو من سيف الحجاج بحسن اعتذاره، فعفا الحجاج عنه.


(١) تفسير الطبري ١/ ٨١.
(٢) ينظر: تفسير التابعين ١/ ٣١٧.
(٣) تفسير الطبري ١/ ٨١.
(٤) تفسير الطبري ١/ ٨١.
(٥) ينظر: تفسير الطبري ١/ ٨١، تهذيب الكمال ٣/ ١٣٦.
(٦) سير أعلام النبلاء ٤/ ٣٠٢.
(٧) تذكرة الحفاظ ١/ ٦٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>