وانتقد ابنُ كثير (١٢/ ٣٢٣) القول الثالث الذي قاله ابن إسحاق، فقال: «وفي هذا نظر». وكذا انتقد القول الأول الذي قاله الحسن من طريق قتادة، وقتادة من طريق معمر، فقال: «وأبعد منه [أي: من قول ابن إسحاق] ما حكاه قتادة ... : أي الضمير في {وإنه} عائد على القرآن». ثم رجَّح -مستندًا إلى دلالة السياق والقرآن والقراءات- القول الثاني الذي قاله ابن عباس، ومجاهد، والضَّحّاك، وأبو مالك، والحسن، وابن زيد، ومقاتل، والسُّدّي، فقال: «بل الصحيح أنه عائد على عيسى - عليه السلام -؛ فإن السياق في ذكره، ثم المراد بذلك نزوله قبل يوم القيامة، كما قال تبارك وتعالى: {وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته} أي: قبل موت عيسى - صلى الله عليه وسلم -، ثم {ويوم القيامة يكون عليهم شهيدا} [النساء: ١٥٩]، ويؤيد هذا المعنى القراءة الأخرى: (وإنَّهُ لَعَلَمٌ لِّلسّاعَةِ) أي: أمارة ودليل على وقوع الساعة». وساق ابنُ عطية الأقوال، ثم علَّق بقوله: «مَن قال: إن الإشارة إلى عيسى. حسن مع تأويله» علْم «، و» عَلَم «أي: هو إشعار بالساعة وشرط من أشراطها، يعني: خروجه في آخر الزمان، وكذلك من قال: الإشارة إلى محمد - صلى الله عليه وسلم -، أي: هو آخر الأنبياء. فقد تميّزت الساعة به نوعًا وقدرًا من التمييز، وبقي التحديد التام الذي انفرد الله بعلمه، ومن قال: الإشارة إلى القرآن. حسُن قوله في قراءة من قرأ: {لعلم} بكسر العين وسكون اللام، أي: يعلمكم بها وبأهوالها وصفاتها، وفي قراءة من قرأ: (لَذِكْرٌ)».