أحدهما لصاحبه: أمّا غلامك فقد أفسده عليك، فلمّا جاءهم عدّاس قالا له: ويلك، يا عدّاس! مالك تُقبّل رأسَ هذا الرجل ويديه وقدميه؟ قال: يا سيدي، ما في الأرض خيرٌ مِن هذا الرجل، لقد أخبرني بأمر ما يعلمه إلا نبي. فقالا: ويحك، يا عدّاس، لا يصرفك عن دينك؛ فإنّ دينك خيرٌ مِن دينه. ثم إنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - انصرف مِن الطائف راجعًا إلى مكة حين يئس مِن خير ثقيف، حتى إذا كان بنخلة قام مِن جوف الليل يصلّي، فمر به نفرٌ مِن جنّ أهل نَصيبِين اليمن، فاستمعوا له، فلما فرغ مِن صلاته ولَّوا إلى قومهم منذرين، قد آمنوا وأجابوا لِما سمِعوا، فقصّ الله خبرهم عليه، فقال:{وإذْ صَرَفْنا إلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الجِنِّ}(١)[٥٩٨٨]. (ز)
[تفسير الآية]
٧٠٦٢٨ - عن الزبير بن العوّام -من طريق سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن عكرمة- {وإذْ صَرَفْنا إلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الجِنِّ يَسْتَمِعُونَ القُرْآنَ}، قال: بنخلة، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلّي العشاء الآخرة كادوا يكونون عليه لِبَدًا. قال سفيان: كان بعضهم على بعض كاللِّبد، بعضه على بعض (٢). (١٣/ ٣٤١)
٧٠٦٢٩ - عن عبد الله بن عباس -من طريق النضر بن عربي، عن عكرمة- {وإذْ صَرَفْنا إلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الجِنِّ يَسْتَمِعُونَ القُرْآنَ} الآية، قال: كانوا تسعة نفر مِن أهل نَصيبِين، فجعلهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رُسلًا إلى قومهم (٣). (١٣/ ٣٤٢)
[٥٩٨٨] انتقد ابنُ كثير (١٣/ ٣١) ما جاء في هذا الأثر مِن أنّ استماع الجن كان عند منصرف النبي - صلى الله عليه وسلم - مِن الطائف مستندًا إلى دلالة التاريخ، فقال: «لأنّ الجنَّ كان استماعهم في ابتداء الإيحاء، كما دلّ عليه حديثُ ابن عباس المذكور في تفسير الآية من طريق العوفي، وخروجه - صلى الله عليه وسلم - إلى الطائف كان بعد موت عمِّه، وذلك قبل الهجرة بسنة أو سنتين، كما قرره ابن إسحاق وغيره».