ونقل ابن عطية (٣/ ١٣١) قولا آخر أن المعنى: «على فرقة خائنة»، ثم وجَّهه بقوله: «فهي اسم فاعل على صفة المؤنث». [٢٠١٢] علَّق ابنُ جرير (٨/ ٢٥٦) على قول قتادة بالنسخ قائلًا: «والذي قاله قتادة غير مدفوعٍ إمكانه». غير أنه استدرك عليه بقوله: «إن الناسخ الذي لا شك فيه من الأمر هو ما كان نافيًا كل معاني خلافِه الذي كان قبله، فأمّا ما كان غير نافٍ جميعَه فلا سبيل إلى العلم بأنه ناسخٌ إلا بخبرٍ من الله -جلَّ وعزَّ-، أو من رسوله - صلى الله عليه وسلم -، وليس في قوله: {قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ولا بِاليَوْمِ الآخِرِ} [التوبة: ٢٩] دلالةٌ على الأمر بنفي معاني الصَّفْح والعفو عن اليهود. وإذ كان ذلك كذلك، وكان جائزًا -مع إقرارهم بالصَّغار، وأدائهم الجزية بعد القتال- الأمرُ بالعفو عنهم في غَدرةٍ همُّوا بها، أو نَكْثَةٍ عزموا عليها، ما لم يَنصِبُوا حَرْبًا دون أداء الجزية، ويمتنعوا من الأحكام اللازمتهم؛ لم يكن واجبًا أن يُحْكَمَ لقوله: {قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ولا بِاليَوْمِ الآخِرِ} الآيةَ بأنّه ناسخٌ قوله: {فاعْفُ عَنْهُمْ واصْفَحْ إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ المُحْسِنِينَ}». ورجَّح ابنُ عطية (٣/ ١٣١) القول بالنسخ، فقال: «وقوله تعالى: {فاعْفُ عَنْهُمْ واصْفَحْ} منسوخٌ بما في براءة من الأمر بقتالهم حتى يؤَدُّوا الجزية». ولم يذكر مستندًا.