للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢١٩٥٠ - عن قتادة بن دعامة -من طريق مَعْمَر- في قوله: {ولا تزال تطلع على خائنة منهم}، يقول: على خيانة، وكذِب، وفجور (١) [٢٠١١]. (٥/ ٢٣٤)

٢١٩٥١ - قال مقاتل بن سليمان: {ولا تَزالُ تَطَّلِعُ عَلى خائِنَةٍ مِنهُمْ} وهو الغِشُّ للنبي - صلى الله عليه وسلم -، {إلّا قَلِيلًا مِنهُمْ} والقليلَ: مؤمنيهم؛ عبد الله بن سلام وأصحابه .... {فاعْفُ عَنْهُمْ واصْفَحْ إنَّ الله يُحِبُّ المُحْسِنِينَ} (٢). (ز)

[النسخ في الآية]

٢١٩٥٢ - عن قتادة بن دِعامة -من طريق معمر- في قوله: {فاعف عنهم واصفح}، قال: لم يُؤْمَر يومئذ بقتالهم، فأمره الله أن يعفو عنهم ويصفح، ثم نسخ ذلك في براءة [٢٩]، فقال: {قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر} الآية (٣) [٢٠١٢]. (٥/ ٢٣٤)


[٢٠١١] رجَّح ابنُ جرير (٨/ ٢٥٤) مستندًا إلى أحوال النزول، والسياق قول قتادة، ومجاهد، وعكرمة أنّ معنى: {ولا تَزالُ تَطَّلِعُ عَلى خائِنَةٍ مِنهُمْ}، أي: ولا تزال -يا محمد- تَطَّلِع من اليهود على كذبٍ وخيانةٍ، ثم بيَّن علَّة ذلك، فقال: «لأنّ الله عنى بهذه الآية القوم من يهود بني النضير الذين همُّوا بقَتْل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، إذ أتاهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يستعينهم في دية العامريِّين، فأَطْلَعه الله -عزَّ ذِكْره- على ما قد همُّوا به. ثم قال -جلَّ ثناؤه- بعد تعريفه أخبار أوائلهم، وإعلامه منهج أسلافهم، وأن آخرهم على منهاج أوَّلهم في الغدر والخيانة؛ لئلا يَكْبُرَ فِعْلُهم ذلك على نبي الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال -جلَّ ثناؤه-: ولا تزال تطَّلع من اليهود على خيانةٍ، وغدرٍ، ونقضِ عهدٍ. ولم يُرِدْ أنه لا يزال يطَّلع على رجلٍ منهم خائنٍ، وذلك أن الخبر ابْتُدِئَ به عن جماعتهم، فقيل: {يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إذْ هَمَّ قَوْمٌ أنْ يَبْسُطُوا إلَيْكُمْ أيْدِيَهُمْ}، ثم قيل: {ولا تَزالُ تَطَّلِعُ عَلى خائِنَةٍ مِنهُمْ}. فإذ كان الابتداء عن الجماعة فالخَتْمُ بالجماعة أوْلى».
ونقل ابن عطية (٣/ ١٣١) قولا آخر أن المعنى: «على فرقة خائنة»، ثم وجَّهه بقوله: «فهي اسم فاعل على صفة المؤنث».
[٢٠١٢] علَّق ابنُ جرير (٨/ ٢٥٦) على قول قتادة بالنسخ قائلًا: «والذي قاله قتادة غير مدفوعٍ إمكانه». غير أنه استدرك عليه بقوله: «إن الناسخ الذي لا شك فيه من الأمر هو ما كان نافيًا كل معاني خلافِه الذي كان قبله، فأمّا ما كان غير نافٍ جميعَه فلا سبيل إلى العلم بأنه ناسخٌ إلا بخبرٍ من الله -جلَّ وعزَّ-، أو من رسوله - صلى الله عليه وسلم -، وليس في قوله: {قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ولا بِاليَوْمِ الآخِرِ} [التوبة: ٢٩] دلالةٌ على الأمر بنفي معاني الصَّفْح والعفو عن اليهود. وإذ كان ذلك كذلك، وكان جائزًا -مع إقرارهم بالصَّغار، وأدائهم الجزية بعد القتال- الأمرُ بالعفو عنهم في غَدرةٍ همُّوا بها، أو نَكْثَةٍ عزموا عليها، ما لم يَنصِبُوا حَرْبًا دون أداء الجزية، ويمتنعوا من الأحكام اللازمتهم؛ لم يكن واجبًا أن يُحْكَمَ لقوله: {قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ولا بِاليَوْمِ الآخِرِ} الآيةَ بأنّه ناسخٌ قوله: {فاعْفُ عَنْهُمْ واصْفَحْ إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ المُحْسِنِينَ}».
ورجَّح ابنُ عطية (٣/ ١٣١) القول بالنسخ، فقال: «وقوله تعالى: {فاعْفُ عَنْهُمْ واصْفَحْ} منسوخٌ بما في براءة من الأمر بقتالهم حتى يؤَدُّوا الجزية». ولم يذكر مستندًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>