ورجَّح ابنُ جرير (٥/ ١٠٠ - ١٠٢) أنّ المراد بها شهادة الأداء، وانتَقَدَ القول بكونها شهادة التحمُّل مستندًا إلى دلالة العقل، واللغة، وذلك أنّ: أ) اسم {الشهداء} يُطلق على مَن وقعت منه الشهادة، لا على من دُعِيَ إليها ولم تقع منه بعد؛ إذ لو جاز إطلاقها عليه لم يكن على الأرض أحدٌ له عقل صحيح إلا وهو مستحق أن يقال له: شاهد، بمعنى أنه سيشهدُ، أو أنّه يصلح لأن يشهد. ب) أنّ أل في {الشهداء} للعهد، فالمعنيُّ بالنهي عن ترك الإجابة للشهادة أشخاص معلومون قد عُرِفوا بالشهادة، ولو كان المراد غيرهم لقيل: ولا يأب شاهد إذا ما دُعي. ثم بيَّن ابنُ جرير أنّ من دُعيَ لتحمل الشهادة في موضع ليس به سواه ممن يصلح للشهادة تعيَّن عليه إجابة داعيه، ولكنَّ تعيُّنَ ذلك عليه ليس من هذه الآية. ورجَّح ابن عطية (٢/ ١٢٠) ما أفاده قول ابن عباس من طريق علي بن أبي طلحة، وقول الحسن من طريق معمر، في احتمال الآية لشهادتي التحمل والأداء، وأن ذلك على جهة الندب، وجعل الوجوب خاصًا بما إذا «عُلِمَ أنّ الحق يذهب ويتلف بتأخر الشاهد عن الشهادة، فواجِبٌ عليه القيامُ بها، لا سيَّما إن كانت محصَّلة وكان الدعاء إلى أدائها؛ لأنها قلادة في العنق، وأمانة تقتضي الأداء».