للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عموم التابعين من رواية الإسرائيليات في التفسير يفوق عموم المنقول عن الصحابة (١)، وقد انفردوا برواية مواضع عديدة عمن قبلهم (٢)، ومن هنا يمكننا القول: إن التابعين توسعوا في هذا المصدر، ولعل من أهم أسباب ذلك ما تقدم من تباعد عصرهم عن عهد النبوة مقارنة بعصر الصحابة الذين كان أغلبهم يكتفي بما يفهم من ظاهر الآيات بمقتضى سليقتهم اللغوية، مهتمين بالعقائد والأحكام دون الخوض في التفاصيل، مما أبهمه اللَّه في القرآن مما لا فائدة فيه تعود على المكلفين في دنياهم ولا دينهم، وذلك من نحو نوع الشجرة التي أكل منها آدم -عَلَيْهِ السَّلَام-، أو التي كلَّم اللَّه موسى منها، أو أسماء الطيور التي أحياها اللَّه لإبراهيم -عَلَيْهِ السَّلَام-، أو أسماء أصحاب الكهف وعدتهم، إلى غير ذلك، فلما جاء الجيل الذي بعدهم كثر السؤال والاستفسار عن مثل ذلك مما معتمده الرواية ولا مدخل فيه للاجتهاد، ولا خبر مرفوع فيه، فكان في الأخبار الإسرائيلية إجابات في هذا الجانب، خصوصًا أن فيها من السرد في القصص والتطويل مما تتشوق إليه النفوس، وتستروح به الأذهان. وهكذا كلما بَعُدَ الناس عن عصر النبوة توسع التفسير في هذا الجانب كما سنرى في عصر أتباع التابعين، واللَّه أعلم.

سادسًا: الاعتناء بعلوم القرآن:

اعتنى التابعون في ثنايا تفسيرهم بعدد من علوم القرآن وأوْلوها اهتمامهم، نورد فيما يلي ما كان له تعلق مباشر بالتفسير، والتي من أهمها:

[١ - نزول القرآن]

وقد كان للتابعين عناية كبيرة بعدد من أنواعه منها:

- المكي والمدني: من أشهر من اعتنى بذلك منهم: عكرمة، والحسن (٣)،


(١) ينظر: مقدمة في أصول التفسير لابن تيمية، ص ٢٢. وقد بلغت نسبة الإسرائيليات المنقولة عن الصحابة في تفسير ابن جرير ٢٤.٢ % من مجموع الروايات الإسرائيلية، بينما بلغت نسبة المنقول منها عن التابعين ٦٦ %، ينظر: بحث "رواة الإسرائيليات في تفسير ابن جرير الطبري ومقدار مروياتهم": د. نايف بن سعيد الزهراني، العدد الأول من مجلة جامعة الباحة ١٤٣٦ هـ - ٢٠١٥ م، ص ٤٤، وينظر: تفسير التابعين ٢/ ٨٨٩.
(٢) ينظر: تفسير التابعين ٢/ ٨٩٤.
(٣) وقد أخرج البيهقي في دلائل النبوة ٧/ ١٤٢ - ١٤٣ نسخة عنهما في المكي والمدني من سور القرآن، وهي مبثوثة في هذه الموسوعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>