للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال: "إن لكل نبي حواريًّا، وحواري الزبير" (١) " (٢).

[٤ - إجماع أهل التأويل]

ويراد به: اتفاق مجتهدي أمة محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- من المفسرين بعد وفاته في عصر من العصور على معنًى لآيات القرآن الكريم.

وقد اتفق أهل العلم على أن الإجماع حجة شرعية، يجب الأخذ به، وتحرم مخالفته، وأن اللَّه تعالى عصم هذه الأمة في إجماعها؛ فلا تجتمع على باطل أبدًا، وإذا أجمعت على أمر فهو الحق، قال الخطيب البغدادي (ت: ٤٦٣ هـ): "إجماع أهل الاجتهاد في كل عصر حجة من حجج الشرع، ودليل من أدلة الأحكام، مقطوع على مغيبه، ولا يجوز أن تجتمع الأمة على الخطأ" (٣)، والأدلة الشرعية على حجية الإجماع كثيرة متظاهرة؛ من نحو قوله تعالى: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} [النساء: ١١٥]، وقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من أراد بحبوحة (٤) الجنة فليلزم الجماعة" (٥)، وقد ثبت عن علماء كل عصر -من الصحابة والتابعين فمن بعدهم- القطع بتخطئة المخالف للإجماع، وشددوا النكير عليه، وعدوا ذلك مروقًا من الدين، وما حملهم على ذلك إِلا وجود مستند قاطع دل على تخطئة المخالف، ووجوب اتباع الإجماع (٦)، وهذا مما جرت به العادة في مثله.

ومن شواهد اعتماد الأئمة الخمسة الإجمال في التفسير ما ورد في قوله تعالى: {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ} [الأنعام: ١٢١]، حيث انتقد ابن جرير (ت: ٣١٠ هـ) قول من قال: عنى بذلك كل ذبيحة لم يذكر اسم اللَّه عليها. فقال:


(١) أخرجه الخاري في صحيحه (٢٨٤٦)، ومسلم في صحيحه (٢٤١٥).
(٢) تفسيره ٣/ ٦٨.
(٣) الفقيه والمتفقه ١/ ٣٩٧. وينظر: الرسالة ص ٤٧٢، ٤٧٥، ومجموع الفتاوى ١٩/ ١٧٦، ٢٠/ ١٠.
(٤) هي التمكن في المقام. ينظر: النهاية في غريب الحديث ١/ ٩٩.
(٥) أخرجه الترمذي في الجامع ٤/ ٤٦٥ (٢١٦٥)، وابن ماجه في السنن ٤/ ٤٠ (٢٣٦٣) مختصرًا، وأحمد في المسند ١/ ٢٦٩ (١١٤)، والنسائي في السنن الكبرى ٨/ ٢٨٤ (٩١٧٥)، والحاكم في المستدرك ١/ ١٩٧ (٣٨٧). من حديث عمر -رضي اللَّه عنه-، وإسناده صحيح، وطرقه كثيرة، قال الترمذي (ت: ٢٩٧ هـ): "حديث حسن صحيح غريب. .، وقد روي هذا الحديث من غير وجه عن عمر"، وصححه الحاكم، وأقره الذهبي.
(٦) ينظر: الكوكب المنير ٢/ ٢٢٣، وقوادح الاستدلال بالإجماع ص ١٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>