للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أنواع الأدلة عدا نص القرآن، كما قال أبو عبيد القاسم بن سلام (ت: ٢٢٤ هـ): "السُّنَّة هي المفسرة للتنزيل، والموضحة لحدوده وشرائعه" (١)، وقال أحمد بن حنبل (ت: ٢٤١ هـ): "السُّنَّة عندنا آثار رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، والسُّنَّة تفسر القرآن، وهي دلائل القرآن" (٢)، وقال أبو عمرو بن العلاء (ت: ١٥٤ هـ) وعبد الرحمن بن مهدي (ت: ١٩٨ هـ): "الحديث يفسر القرآن" (٣)، وقال ابن جرير (ت: ٣١٠ هـ): "ورسول اللَّه أعلم بمعاني وحي اللَّه وتنزيله" (٤)، وقال أيضًا: "ولا أحد أعلم بما عنى اللَّه تبارك وتعالى بتنزيله منه -عَلَيْهِ السَّلَام-" (٥).

ومن شواهد اعتماد الأئمة الخمسة على السُّنَّة في البيان قول ابن جرير (ت: ٣١٠ هـ) في قوله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ} [المائدة: ٣٨]، حيث اختار أنه السارف لربع دينار أو قيمته؛ مستندًا إلى السُّنَّة، فقال: "والصواب من القول في ذلك عندنا قول من قال: الآية معني بها خاص من السراف؛ وهم سراق ربع دينار فصاعدًا أو قيمته؛ لصحة الخبر عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: "القطع في ربع دينار فصاعدًا" (٦) " (٧). ورجح ابن القيم (ت: ٧٥١ هـ) مستندًا إلى السُّنَّة بأن الدرجات في قوله تعالى: {دَرَجَاتٌ مِنْهُ} [النساء: ٩٦]: "هي المذكورة في حديث أبي هريرة الذي رواه البخاري في صحيحه، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: "من آمن باللَّه ورسوله، وأقام الصلاة، وصام رمضان، فإن حقًّا على اللَّه أن يدخله الجنة، هاجر في سبيله، أو جلس في أرضه التي ولد فيها قالوا: يا رسول اللَّه، أفلا تخبر الناس بذلك؟ قال: "إن في الجنة مائة درجة أعدها اللَّه للمجاهدين في سبيله، كل درجتين كما بين السماء والأرض، فإذا سألتم اللَّه فاسألوه الفردوس؛ فإنه أوسط الجنة وأعلى الجنة وفوقه عرش الرحمن، ومنه تفجر أنهار الجنة" (٨) " (٩). وقال ابن كثير (ت: ٧٧٤) في معنى {الْحَوَارِيِّينَ} [المائدة: ١١١]: "والصحيح أن الحواري: الناصر. كما ثبت في الصحيحين أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-


(١) الفقيه والمتفقه ١/ ٢٣٤.
(٢) طبقات الحنابلة ١/ ٢٢٦.
(٣) تهذيب الكمال ٣٤/ ١٢٧، وتاريخ بغداد ٢/ ٥٨٠.
(٤) جامع البيان ١٦/ ٤٤٩.
(٥) المرجع السابق ٦/ ٢٧٦. وينظر: ٣/ ٤٠٦، ٢٤/ ٧٣٧.
(٦) أخرجه بهذا اللفظ النسائي في سننه (٤٩٤٥)، وأخرجه البخاري في صحيحه (٦٧٨٩، ٦٧٩١)، ومسلم في صحيحه (١٦٨٤)، وغيرهما بنحوه.
(٧) جامع البيان ٨/ ٤٠٩.
(٨) أخرجه البخاري في صحيحه (٢٧٩٠).
(٩) تفسيره ١/ ٢٩٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>