٣٩١٢ - عن عثمان بن ساج، قال: بلَغَنا -والله أعلم-: أنّ إبراهيم خليل الله عُرِجَ به إلى السماء، فنظر إلى الأرض مشارقها ومغاربها، فاختار موضع الكعبة، فقالت له الملائكة: يا خليل الله، اخْتَرْتَ حرم الله في الأرض. فبناه من حجارةِ سبعة أجْبُل، ويقولون: خمسة. فكانت الملائكة تأتي بالحجارة إلى إبراهيم - عليه السلام - من تلك الجبال (١). (١/ ٦٩٠)
٣٩١٣ - عن الأعمش -من طريق حسين الجُعْفِيّ- أنّه قرأ:(وإذْ يَرْفَعُ إبْراهِيمُ القَواعِدَ مِنَ البَيْتِ وإسْماعِيلُ يَقُولانِ رَبَّنا تَقَبَّلْ مِنّا)(٢)[٥١٢]. (١/ ٧٠٩)
[٥١٢] رجَّحَ ابنُ جرير (٢/ ٥٦٣ - ٥٦٤ بتصرف) مستندًا إلى الإجماع، واللغة، والدلالة العقلية أنّ قواعد البيت رَفَعَها إبراهيمُ وإسماعيلُ جميعًا، وأنّ القولَ المقَدَّر في الآية لهما، أي: يقولان: ربنا تقبل منا. فقال: «الصواب من القول عندنا في ذلك: أنّ المُضْمَر من القول لإبراهيم وإسماعيل، وأنّ قواعدَ البيت رفعها إبراهيمُ وإسماعيلُ جميعًا. وذلك أنّ إبراهيم وإسماعيل إن كانا هُما بَنَياها ورفعاها فهو ما قلنا، وإن كان إبراهيمُ تَفَرَّد ببنائها وكان إسماعيل يناوله فهما أيضًا رفعاها؛ لأن رفعها كان بهما: من أحدهما البناء، ومن الآخر نقل الحجارة إليها ومعونة وضع الأحجار مواضعها، ولا تمتنع العرب من نسبة البناء إلى من كان بسببه البناء ومعونته، وإنما قلنا ما قلنا من ذلك، لإجماع جميع أهل التأويل على أن إسماعيل مَعْنِيٌّ بالخبر الذي أخبر الله عنه وعن أبيه أنَّهُما كانا يقولانه، وذلك قولهما: {ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم}. فمعلوم أنّ إسماعيل لم يكن ليقول ذلك، إلا وهو: إمّا رجل كامل، وإمّا غلام قد فَهِم مواضع الضُرِّ من النفع، ولزمته فرائض الله وأحكامه، وإذا كان كذلك فمعلوم أنه لم يكن تاركًا معونة أبيه، إمّا على البناء، وإمّا على نقل الحجارة، وأيُّ ذلك كان منه فقد دخل في معنى من رفع قواعد البيت، وثَبَتَ أنّ القول المضمر خبرٌ عنه وعن والده إبراهيم?، فتأويل الكلام: وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل يقولان: ربنا تقبل منا عملنا، وطاعتنا إياك، وعبادتنا لك، في انتهائنا إلى أمرك الذي أمرتنا به، في بناء بيتك الذي أمرتنا ببنائه، إنك أنت السميع العليم».