للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

{إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ (١١)}

[نزول الآيات، وبيان قصة الإفك]

٥٢٥٢٣ - عن عائشة، قالت: كان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أراد أن يخرج سفرًا أقْرَع بين أزواجه، فأيتهن خرج سهمُها خرج بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - معه. قالت عائشة: فأقرع بيننا في غزوة غزاها، فخرج سهمي، فخرجتُ مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد ما نزل الحجاب، فأنا أُحْمَل في هَوْدَجِي، وأنزل فيه، فسِرنا حتى إذا فرغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من غزوته تلك وقَفَلَ ودَنَوْنا من المدينة قافِلين آذَنَ ليلةً بالرحيل، فقمت حين آذنوا بالرحيل، فمشيت حتى جاوزت الجيشَ، فلمّا قضيت شأني أقبلت إلى رَحْلي، فإذا عِقْدٌ لي من جَزْع ظَفارٍ (١) قد انقطع، فالتمست عِقْدي، وحَبَسَني ابتغاؤه، وأقبل الرَّهْطُ الذين كانوا يُرَحِّلُون لي، فاحتملوا هَوْدَجي، فرَحَّلوه على بعيري الذي كنتُ ركبتُ، وهم يحسبون أنِّي فيه، وكان النساء إذ ذاك خِفافًا لم يثقلهن اللحمُ، إنما تأكل المرأة العُلْقَةَ (٢) من الطعام، فلم يستنكر القومُ خِفَّةَ الهَوْدَج حين رفعوه، وكنت جاريةً حديثةَ السِّنِّ، فبعثوا الجمل، فساروا، فوجدت عِقْدي بعد ما اسْتَمَرَّ الجيشُ، فجئت منازلَهم، وليس بها داعٍ ولا مُجِيب، فأَمَمْتُ منزلي الذي كنتُ به، فظننتُ أنّهم سيفقدوني، فيرجعون إلَيَّ، فبينا أنا جالسةٌ في منزلي غَلَبَتْني عيني، فنِمْتُ، وكان صفوان بن المُعَطِّل السُّلَمي ثم الذَّكْوانِي مِن وراء الجيش، فأَدْلَجَ، فأصبح عند منزلي، فرأى سواد إنسان نائم، فأتاني، فعرفني حين رآني، وكان يراني قبل الحجاب، فاستيقظتُ باسترجاعه حين عرفني، فخمَّرْتُ وجهي بجلبابي، واللهِ، ما كَلَّمَنِي كلمةً، ولا سمعت منه كلمةً غيرَ استرجاعه، حتى أناخ راحلته، فوَطِئ على يدَيْها، فركبتها، فانطلق يقود بي الراحلةَ حتى أتينا الجيشَ بعد ما نزلوا مُوغِرين في نَحْرِ الظَّهِيرَة، فهلك فِيَّ مَن هلك. وكان الذي تَوَلّى الإفكَ عبدُ الله بن أُبَيّ بن سَلُول، فقدمنا المدينة، فاشتكيت حين قدمت شهرًا، والناسُ يُفيضون في قول أصحاب الإفك، لا أشعر بشيء من ذلك، وهو يَرِيبُني في وجعي أنِّي لا أعرف مِن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اللُّطْفَ


(١) الجَزْع -بالفتح-: الخَرَز اليماني. النهاية (جزع). وظَفار: مدينة لحمير باليمن. النهاية (ظفر).
(٢) العُلْقَة: ما يُتَبَلَّغ به. النهاية واللسان (علق).

<<  <  ج: ص:  >  >>