للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حرَّشوا الجماعة، فأفشوا فيهم خبر الشر، فماتوا كلهم بغتة، وعاش يوشع وكالب بن يوفنا من الرهط الذين انطلقوا يتحسسون الأرض. فلما قال موسى - عليه السلام - هذا الكلام كله لبني إسرائيل حَزِن الشعب حزنًا شديدًا، وغدوا فارتقوا إلى رأس الجبل، وقالوا: نرتقي الأرض التي قال -جل ثناؤه- من أجل أنا قد أخطأنا. فقال لهم موسى: لم تعتدون في كلام الله؟ من أجل ذلك لا يصلُحُ لكم عمل، ولا تصعدوا من أجل أنّ الله ليس معكم، فالآن تنكسرون من قدام أعدائكم من أجل العمالقة والكنعانيين أمامكم، فلا تقعوا في الحرب من أجل أنكم انقلبتم على الله، فلم يكن الله معكم. فأخذوا يرقون في الجبل، ولم يبرح التابوت الذي فيه مواثيق الله -جل ذكره- وموسى من المحلة -يعني: من الخيمة- حتى هبط العماليق والكنعانيون في ذلك الحائط، فحرقوهم، وطردوهم، وقتلوهم. فتيَّههم الله -عزَّ ذكره- في التيه أربعين سنة بالمعصية، حتى هلك مَن كان استوجب المعصية من الله في ذلك. قال: فلما شَبَّ النواشِئُ من ذراريهم، وهلك آباؤهم، وانقضت الأربعون سنة التي تُيِّهوا فيها؛ سار بهم موسى، ومعه يوشع بن نون وكالب بن يوفنا -وكان فيما يزعمون على مريم ابنة عمران أخت موسى وهارون، وكان لهما صهرًا-، قدَّم يوشع بن نون إلى أريحاء في بني إسرائيل، فدخلها بهم، وقتل الجبابرة الذين كانوا فيها، ثم دخلها موسى ببني إسرائيل، فأقام فيها ما شاء الله أن يقيم، ثم قبضه الله إليه، لا يعلم بقبره أحدٌ من الخلائق (١). (ز)

٢٢١٢٢ - قال يحيى بن سلام: دخلها أبناؤهم، ويوشع بن نون، وكالوب (٢). (ز)

{يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ}

٢٢١٢٣ - عن مجاهد بن جبر -من طريق ابن أبي نجيح- قال: تاهت بنو إسرائيل أربعين سنة، يُصبحون حيث أمسوا، ويمسون حيث أصبحوا في تيههم (٣) [٢٠٣٥]. (٥/ ٢٥٤)


[٢٠٣٥] لم يذكر ابنُ جرير (٨/ ٣١٥) في صفة تِيهِهِم سوى أثر مجاهد، والربيع من طريق أبي جعفر.
ونقل ابنُ عطية (٣/ ١٤٣) عن مجاهد وغيره قوله: «كانوا يسيرون النهار أحيانًا، والليل أحيانًا، فيمسون حيث أصبحوا، ويصبحون حيث أمسوا، وذلك في مقدار ستة فراسخ». ثم ذكر احتمالًا آخر: «أن يكون تيههم بافتراق الكلمة، وقلة اجتماع الرأي، وأنّ الله تعالى رماهم بالاختلاف، وعلموا أنها قد حرمت عليهم أربعين سنة، فتفرقت منازلهم في ذلك الفحص، وأقاموا ينتقلون من موضع إلى موضع على غير نظام واجتماع، حتى كملت هذه المدة، وأذن الله بخروجهم». ثم علَّق على هذا الاحتمال وعلى قول مجاهد بقوله: «وهذا تِيهٌ ممكن محتمل على عرف البشر، والآخر الذي ذكر مجاهد إنما هو خَرْقُ عادة وعجب من قدرة الله تعالى».

<<  <  ج: ص:  >  >>