للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وحده، فيما فهمه ابن مسعود وابن عباس -إن صح عنهما- أو ما فهمه الرواة الأقدمون من معناه. وهذا مذهب لا بأس به في الاستدلال، ومثله أيضًا ما يسوق في الأخبار والآثار التي لا يشك في ضعفها، أو في كونها من الإسرائيليات، فهو لم يسقها لتكون مهيمنة على تفسير آي التنزيل الكريم؛ بل يسوق الطويل لبيان معنى لفظ أو سياق حادثة، وإن كان الأثر نفسه مما لا تقوم به الحجة في الدين، ولا في التفسير التام لآي كتاب اللَّه.

فاستدلال الطبري بما ينكره المنكرون، لم يكن إِلا استظهارًا للمعاني التي تدل على ألفاظ هذا الكتاب الكريم، كما يستظهر بالشعر على معانيها؛ فهو إذن استدلال يكاد يكون لغويًّا، ولما لم يكن مستنكرًا أن يستدل بالشعر الذي كذب قائله، ما صحّت لغته؛ فليس بمستنكر أن تساق الآثار التي لا يرتضيها أهل الحديث، والتي لا تقوم بها الحجة في الدين، للدلالة على المعنى المفهوم من صريح لفظ القرآن، وكيف فهمه الأوائل -سواء كانوا من الصحابة أو من دونهم-، وأرجو أن تكون هذه تذكرة تنفع قارئ كتاب الطبري، إذا ما انتهى إلى شيء مما عدَّه أهل علم الحديث من الغريب والمنكر" (١).

ومثل هذا واضح جدًّا فيما نحن بصدده من كون غرض المصنفين من إيراد الأحاديث مختلف، وأنه من الجناية الحكم بخطئهم أو تجريد كتبهم بدعوى وجود الأحاديث الضعيفة فيها.

* تتمات مهمات:

الأولى: من ضمن الأمور التي تؤثر تأثيرًا قويًّا في الحكم بالثبوت وعدمه القرائن المحتفّة بالرواية أو الراوي، بحيث تستحق أن تفرد بمطلب خامس تكتمل به دائرة النظر للحكم بالثبوت وتتم به معطياته، ولكن لما كان البحث يريد بيان المنهج تجاه مرويات التفسير؛ فقد آثرت جمع القرائن المختصة بمرويات التفسير مع بعضها البعض سواء منها ما تعلق بالثبوت أو لا، فلينتبه لذلك.

الثانية: تجريد الكتب من الآثار الضعيفة بدعوى التصحيح:

إن تجريد التفسير من الآثار الضعيفة، ومحاولة إخراج ما يسمى بصحيح التفسير من الأفكار التي تحتاج إلى إعادة نظر، وإلى المقارنة بينها وبين مناهج أئمة التفسير؛ فإن "الإسناد الصحيح يعطي إشارة إلى صحة القول المنقول بهذا الإسناد غالبًا،


(١) تفسير الطبري، تحقيق: شاكر ١/ ٤٥٣، ٤٥٤ حاشية.

<<  <  ج: ص:  >  >>