ورَجَّحَ ابنُ جرير (٦/ ٤٠٧ - ٤٠٨) أنّ معنى الرشد هنا: العقل، وإصلاح المال، استنادًا إلى الدلالة العقلية، وقال: «في إجماعهم على أنّه غيرُ جائزٍ حيازةُ ما في يده في حال صِحَّة عقلِه وإصلاحِ ما في يده؛ الدليلُ الواضحُ على أنّه غيرُ جائز منْعُ يدِه مِمّا هو له في مثل ذلك الحال، وإن كان قبل ذلك كان في يد غيره، لا فرْق بينهما. ومَن فرَّق بين ذلك عُكِس عليه القولُ في ذلك، وسُئِل الفرقَ بينهما مِن أصل أو نظير، فلن يقول في أحدهما قولًا إلا أُلْزِم في الآخر مثله. فإذ كان ما وصفنا من الجميع إجماعًا فبيِّنٌ أنّ الرشد الذي به يستحق اليتيم -إذا بلغ فأُونِسَ منه- دَفْعَ ماله إليه؛ هو ما قلنا من صِحَّة عقله، وإصلاح ماله». وأضاف ابنُ عطية (٢/ ٤٧٢) مُبَيِّنًا ذلك مِن جهة اللغة: «البلوغ لم تَسُقْهُ الآيةُ سياق الشرط، ولكنه حالةُ الغالب على بني آدم أن تلتئم عقولهم فيها، فهو الوقت الذي لا يعتبر شرط الرشد إلا فيه، فقال: إذا بلغ ذلك الوقت فلينظر إلى الشرط وهو الرشد حينئذ، وفصاحة الكلام تدلُّ على ذلك؛ لأنّ التوقيف بالبلوغ جاء بـ {إذا}، والمشروط جاء بـ» إن «التي هي قاعدة حروف الشرط، و» إذا «ليست بحرف شرط لحصول ما بعدها».