وذكر ابنُ عطية (٧/ ٢٢٥) أن {النذير} «في قول الجمهور: الأنبياء، كل نبي نذير أمته ومعاصريه، ومحمد - صلى الله عليه وسلم - نذير العالم في غابر الزمن». وعلَّق على القول الثاني بقوله: «وهو قولٌ حسن، إلا أن الحجة إنما تقوم بالنذارة الشرعية». ورجَّح ابنُ كثير (١١/ ٣٣٦) القول الأول مستندًا إلى القرآن، وهو قول قتادة، والسدي، مقاتل، وابن زيد، وابن سلام، فقال: «وهو الأظهر؛ لقوله تعالى: {ونادَوْا يامالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنا رَبُّكَ قالَ إنَّكُمْ ماكِثُونَ * لَقَدْ جِئْناكُمْ بِالحَقِّ ولَكِنَّ أكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كارِهُونَ} [الزخرف: ٧٧ - ٧٨]، أي: لقد بيَّنّا لكم الحق على ألسنة الرسل، فأبيتم وخالفتم، وقال تعالى: {وما كُنّا مُعَذِّبِينَ حَتّى نَبْعَثَ رَسُولا} [الإسراء: ١٥]، وقال تبارك وتعالى: {كُلَّما أُلْقِيَ فِيها فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُها ألَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ * قالُوا بَلى قَدْ جاءَنا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنا وقُلْنا ما نزلَ اللَّهُ مِن شَيْءٍ إنْ أنْتُمْ إلا فِي ضَلالٍ كَبِيرٍ} [الملك: ٨ - ٩]».