والثاني: من طريق إسماعيل بن أبي خالد.
ولعل أبرز أسباب قِلَّة تفسير أبي صالح الاجتهادي ما يلي:
١ - اعتناؤه برواية تفسير شيخه ابن عباس -رضي اللَّه عنهما- وغلبة ذلك عليه.
٢ - انتقاد تفسيره من قبل بعض أعلام التابعين.
٣ - رواية الكلبي عنه، التي أفسدت مرويات أبي صالح وتفسيره، وأَضَرَّت به. واللَّه أعلم.
٥ - محمد بن شهاب الزهري (ت: ١٢٤ هـ) (١)
محمد بن مسلم بن عبيد اللَّه بن شهاب بن عبد اللَّه القرشي الزهري، أبو بكر المدني، نزيل الشام. ولد سنة خمسين، وتوفي عام ١٢٤ هـ، وعليه فهو في عداد طبقة صغار التابعين. أدرك عددًا من الصحابة، وحدَّث عن ابن عمر، وسهل بن سعد، وأنس بن مالك، ومحمود بن الربيع -رضي اللَّه عنهم-.
كما لازم كبار علماء المدينة من التابعين، وعلى رأسهم سعيد بن المسيب -الذي جالسه ثماني سنوات، وتفقه به-، وعروة بن الزبير، وعبيد اللَّه بن عبد اللَّه بن عتبة، وغيرهم.
وحدث عنه صالح بن كيسان، ومعمر بن راشد، والأوزاعي، وسفيان الثوري، والليث بن سعد، ومالك بن أنس، وابن أبي ذئب، وسفيان بن عيينة، وغيرهم.
* منزلته في العلم والتفسير:
كان الزهري من أعلم أهل زمانه وأحفظهم، قال الليث بن سعد: "ما رأيت عالمًا قط أجمع من ابن شهاب، يحدِّث في الترغيب، فتقول: لا يحسن إلا هذا، وإن حدَّث عن العرب والأنساب، قلت: لا يحسن إلا هذا، وإن حدَّث عن القرآن والسُّنَّة، كان حديثه نوعًا جامعًا".
وقد عُرف الزهري بعلمه الواسع في الحديث والرواية، والسيرة والمغازي، ثم في الفقه والأحكام، بل هو أوّل من دوَّن علم الحديث تدوينًا شاملًا بصفة رسمية بأمر الخليفة عمر بن عبد العزيز، وقد كان ذلك أكثر علمه الذي عُرف به؛ لذا كان
(١) تنظر ترجمته في: تهذيب الكمال ٢٦/ ٤٢٠، سير أعلام النبلاء ٤/ ٥٤٤، تذكرة الحفاظ ١/ ٨٤.