للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الفاسد أن الإغراق في نسبة الأقوال العلمية إليه يُعلي من قدره، ويرفع من شأنه العلمي. وأظن أن ما نُسب إلى علي من قوله: "لو شئتُ أن أُوْقِرَ سبعين بعيرًا من تفسير أم القرآن لفعلت" لا أصل له، اللَّهُمَّ إِلا في أوهام الشيعة، الذين يغالون في حبه، ويتجاوزون الحد في مدحه. ثم هناك ناحية أخرى أغرت الوُضَّاع بالكذب عليه، تلك الناحية هي نسبته إلى بيت النبوة، ولا شك أن هذه الناحية، تُكسب الموضوع قبولًا، وتعطيه رواجًا وذيوعًا على ألسن الناس، والحق أن كثرة الوضع على عليٍّ -رضي اللَّه عنه- أفسدت الكثير من علمه، ومن أجل ذلك لم يعتمد أصحاب الصحيح فيما يروونه عنه إِلا على ما كان من طريق الأثبات من أهل بيته، أو من أصحاب ابن مسعود، كعبيدة السلماني وشُريح، وغيرهما" (١).

٢ - إبراهيم النخعي (ت: ٩٦ هـ) (٢)

إبراهيم بن يزيد بن قيس بن الأسود بن عمرو النخعي، أبو عمران الكوفي، فقيه أهل الكوفة، أمه مليكة بنت يزيد أخت الأسود بن يزيد النخعي. توفي سنة ٩٦ هـ (٣).

أخذ القراءة عرضًا عن علقمة، والأسود، وقرأ عليه: الأعمش، وطلحة بن مصرف.

ولم يُحدِّث عن أحد من الصحابة مع أنه أدرك جماعة منهم. قال الذهبي: "ولم نجد له سماعًا من الصحابة المتأخرين الذين كانوا معه بالكوفة كالبراء، وأبي جحيفة، وعمرو بن حريث. وقد دخل على أم المؤمنين عائشة وهو صبي، ولم يثبت له منها سماع، على أن روايته عنها في كتب أبي داود، والنسائي، والقزويني، فأهل الصنعة يَعُدُّون ذلك غير متصل، مع عدِّهم كلهم لإبراهيم في التابعين، ولكنه ليس من كبارهم" (٤). قال الشعبي لما بلغه موته: "ما خلف بعده مثله" (٥). وقال الذهبي: "وكان بصيرًا بعلم ابن مسعود، واسع الرواية، فقيه النفس، كبير الشأن، كثير


(١) التفسير والمفسرون ١/ ٦٨. كذا ذكر رحمه اللَّه هذه العلة، ولم يعز ذلك إلى أحد من المتقدمين، وقد بحثت عما ذكر بأنه "كثرت الرواية في التفسير عن عليّ -رضي اللَّه عنه-، كثرة جاوزت الحد، الأمر الذي لفت أنظار العلماء النُقَّاد، وجعلهم يتتبعون الرواية عنه بالبحث والتحقيق، ليميزوا ما صح من غيره" فلم أقف على من ذكر ذلك، واللَّه أعلم.
(٢) تنظر ترجمته: طبقات ابن سعد ٦/ ٢٧١، حلية الأولياء ٤/ ٢١٩، تهذيب الكمال ٢/ ٢٣٣، تاريخ الإسلام ٢/ ١٠٥٢، سير أعلام النبلاء ٤/ ٥٢٠، تهذيب التهذيب ١/ ١٧٧، تفسير التابعين ١/ ٣٣١.
(٣) تاريخ الإسلام ٢/ ١٠٥٢.
(٤) سير أعلام النبلاء ٤/ ٥٢٠.
(٥) تذكرة الحفاظ ١/ ٥٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>